وهو يمشي لقمة من كل النباتات الموجودة على طريقه. فهو يمضغ ويجتر ويهضم باستمرار دون ان يتوقف. وبعره هو الذي خطط الطريق عبر النفود. وشكل البعر وحجمه هو شكل وحجم تمرة أو زيتونة كبيرة. إنه أسطواني ، مخروطي ، متماسك جدا ، يجف بسرعة ويصبح قاسيا جدا ويظل تحت سماء الجزيرة العربية الرؤوفة سنوات عديدة.
في مناطق النفود الوعرة والمعرّضة للرياح يغطيها الرمل بسهولة ، وهذا مفهوم ، ولكن النسيم التالي يعود فيكشفها بالسهولة نفسها.
تحمل وجهة عبور النفود هذه اسم خط أبو زايد وأيضا اسم ضيعة عيّاش ، ويستعمل الأول في شمال النفود والثاني في الجنوب.
قضى والين ستين ساعة لاجتياز المسافة بين الجوف وجبة. والسيد غوارماني قطعها بتسع وأربعين ساعة ونصف الساعة. وحسبت السيد بلجريف أنه قد صرف على الأقل خمسا وثمانين ساعة. أما أنا فقد اجتزت المسافة في ست وسبعين ساعة. من هنا ترى مدى صعوبة وضع خطوط سير أو خريطة منطقة عند ما لا يشير المسافر إلى السرعة التي سار فيها.
فيما يخصني ، على الرغم من جودة مطيتي ، كانت لدي أسباب لعدم الاستعجال اذ كنت ارغب في رؤية النفود على راحتي ومراقبته ، لذلك فقد سرت تقريبا باستمرار على الأقدام بمعدل ٤ كيلومترات تقريبا في الساعة. ولكن أن يكون السيد بلجريف الذي عانى كثيرا في هذه الصحراء وكان مستعجلا للخروج منها قد قضى خمسا وثمانين ساعة فلا بد أن يكون مرد ذلك الى ركوب جمال من نوعية متدنية جدا. وما يفسر سرعة والين هو أنه لم يكن لديه أي متاع وكان يتنقل على ظهر ذلول شراري أي على جمل من أفضل الأنواع في الجزيرة العربية الشمالية. بالنسبة الى السيد غوارماني ، نعرف أنه اجتاز النفوذ مستعجلا على ظهر حصان. وفي المحصلة مع ذلول جيد بالإمكان دون إرهاق المطيّة إنجاز هذا العبور في ثلاثة أيام بسهولة.
جبّة
ما إن هبطنا منحدر آخر تلة من النفود حتى وجدنا أنفسنا في سهل جبة التي لا تبتعد أكثر من ٥٠٠ متر والتي يبدو مظهرها الجديد متعة للعين. بعض