جبل جبه. وأبعد بقليل ، رأيت الى اليسار في منخفض أرض ، سهلا كبيرا ناصع البياض كأنه" سبخة". في هذا القعر قرية جبه التي لا نراها بعد إذ تخفيها كتل صخرية. نسير ساعة بعد وفجأة من قمة آخر تلة رمل نكتشف كل الوادي. في العمق يبدو شريط طويل من شجر النخيل محاطا بجدران ، تختبئ فيها القرية. عند ما نطل فجأة على هذا الحوض الشاسع بانعكاساته الفضية الكامدة التي يتمايز عليها اخضرار النخيل الجميل بعد ما توالى أمام أعيننا على امتداد أيام لون النفود الزهري الرتيب وعند ما تنير كل هذا شمس الظهيرة نظل مبهورين أمام لوحة تبدو خلابة.
قبل دخول جبه أسمح لنفسي بإبداء بعض الآراء حول النفود.
من الصعب جدا تحديد مسار الخط المتبع لاجتياز النفود لأننا نلف باستمرار تقريبا حول الأفلاج ، فلا شئ سوى تعرجات وصعود وهبوط. أما الطريق الفعلية أو الدرب المتبعة كتلك التي كثيرا ما تشكل الطرق في الصحراء ، فلا وجود لها إنما نتبع دائما اتجاها. ومع إقراره بأن هذا الاتجاه" يحمل الاسم غير الملائم ، الطريق" إلا أن السيد غوارماني يروي أن" الدرب من جيوف ـ عامر هي من صنع بني هلال" (١). وفي سبيل ذلك ردمت وديان وسطحت تلال وسويت أرض النفود الرملية المضطربة كبحر هائج قدر الإمكان.
راضي ، دليل السيد والسيدة بلانت روى لهما أنه تحت الرمل ، طريق معبدة بالحجارة أنشئت بحجارة جلبت من جبل شمّر. وكان بإمكان المسافرين أن يسألاه لمإذا أتت هذه الحجارة من جبل شمّر طالما أن حجارة جبل الجبة هي أقرب بمسافة يومين سيرا على الأرض ، ولكن من الواضح أن هذه المعلومات فيها خطأ.
لاجتياز النفود هناك درب واحدة هي بعرض قائمة الجمل ٢٥ إلى ٣٠ سنتمترا علما بأن هذا المسار يختفي في الأماكن التي تلعب فيها الريح. لدى اجتيازنا الفلوح ، رأيت آثار جمال ممحية فورا مع ريح ضعيفة نسبيا. فالرمل كان قد عاد منسابا كبحيرة ماء على مسافة مترين وراءنا.
أفضل دليل والدليل الوحيد في هذا العبور المضني هو بعر الجمل. فالجمل ينتزع
__________________
(١)Itine ? raire de Je ? rusalem au Neged Septentrional, par M. Guarmani, Bulletin de la Socie ? te ? de Ge ? o ـ
ص. ٥٠٤ ، ١٨٥٦graphie ,Novembre