الثاني : ان الذين تناولوا شخصية أبي ذر لم يعطوه القدر الكافي من الإحاطة ، فقد لاحظت من خلال قراءاتي لبعض ما كتب حول هذا الموضوع ، ان بعضهم يحاول التركيز على الناحية القصصية ، والبعض الآخر على الناحية « الثورية » في مسلك هذا الرجل ، والبعض الآخر يجهد في إخراجه بصورة « المتصوف الراهب » ، وآخر يعطيه صفة « الحاقد على الأغنياء » الى غير ذلك من الأوصاف التي تتناسب مع رغبة الكاتب وتفكيره ، ولا تتلائم مع شخصية أبي ذر المسلم الصحابي الجليل .
فأبو ذر لا يعدو كونه من أجِّلاء الصحابة وخيرتهم ، وجدير بمثله أن يكون عنواناً واضحاً للاسلام .
لذا فانني بذلت كامل جهدي في إلقاء الضوء على هذه الشخصية التأريخية المميزة ، محاولا بذلك الكشف عن جميع جوانبها ، دون أن أترك شيئاً مما يتعلق بها ، عدا بعض النصوص الزائدة التي لا جدوى من إثباتها ، وعدا ما يفوتني سهواً ، والعصمة لأهلها .
وسيكون هذا الكتاب هو الحلقة الأولى في سلسلة تتناول حياة « الأركان الأربعة » وسيرتهم ، آملين من وراء ذلك ، رضا الله وحده ، سبحانه وتعالى . والوقوف على شيء ، من حياة هؤلاء الصفوة ـ من الخالدين ـ في تأريخنا الإسلامي المجيد ، علنا نستمد من سيرتهم مزيداً من الصبر ، والثبات ، في دربنا الطويل . والله الموفق .
|
محمد جواد الفقيه ١٤ ربيع الثاني / ١٤٠٠ هـ ٢ / ٣ / ١٩٨٠ م |