قال : ضمنى الليل وقد سدل المسح راهبه ، وانتهب قرص الشمس من يد الامس ناهبه ، ودلفت جيوشه الحبشية (٩٨ : ب) وكتائبه ، وفتحت الازهار بشط المجرة كواكبه ، وجنحت الطيور الى وكونها ، وانتشرت الطوافات بعد سكونها ، وعوت الذئاب فوق هضابها ، ولوحت البروق ببيض عضابها ، وباهت الكف الخضيب بخضابها ، وتسللت اللصوص لانتهاز فرصها ، وخرجت الليوث الى قسمها وحصصها ، فى مناخ رحب المنطق ، وثيق الغلق ، سامى السور ، كفيل بحفظ الميسور ، يأمن ـ به الذعر ـ خائفه ، وتدفع ـ معرة السماء ـ سقائفه ، يشتمل على مأوى الطريد ، ومحراب المريد ، ومرابط خيل البريد (٨) ، ومكاسع الشيطان المريد. ذى قيم كثير البشاشة ، لطيف الحشاشة ، قانع بالمشاشة.
يروح ويشى ، ويقف على ريب الاعيان وأعيان الريب فلا يشى. بر فأكثر ، ومهد ووثر ، وأدفأ ودثر ، (ورقى بسور استنزاله فأثر) (٩).
فلما أزحت الكلفة ، وأقضمت جوادى العلفة ، وأعجبتنى ـ من رفقاء الرفق ـ الالفة ، رمقت فى بعض السقائف آمنا فى زى خائف ، وشيخا طاف منه بالارض طائف ، وسكن حتى اليمامة والطائف. جنيب (٩٩ : أ) عكاز ، ومثير شيب أثيث الوفرة ، وقسى ضلوع توتر بالزفرة ، حكم له بياض الشيب بالهيبة ، وقد دار بذراعه للسبحة الرقطاء حنش ، كما اختلط روم وحبش. والى يمينه دلو فاهق (١٠) ، وعن يساره تلميذ مراهق ، وأمامه حمار ناهق ، وهو يقول :
هم أسكنونا فى ظلال بيوتهم |
|
ظلال بيوت أدفأت وأكنت |
أبوا أن يملونا ، ولو أن أمنا |
|
تلاقى الذي يلقون منا لملت |
__________________
(٨) مكاسع : مطارد ، مكان الطرد.
(٩) زيادة فى نسخة «س».
(١٠) فاهق : ممتلئ.