هذا الوزير
وعبقرياته ، فيقول : «هو شاعر الدنيا ، وعلم الفرد والثنيا ، وكاتب العرض الى يوم
العرض ، لا يدافع مدحه فى الكتب ، ولا يجنح فيه الى العتب ، آخر من تقدم فى الماضى
، وسيف مقولة ليس بالكهام ؛ اذ هو الماضى ، والا فانظر كلام الكتاب الأول من العصبة
، كيف كان فيهم بالافادة صاحب القصبة ، للبراعة ، باليراعة ، وبه أسكت صائلهم ،
وما حمدت بكرهم وأصائلهم ، المشربة بالحلاوة ، الممكنة من مفاصل الطلاوة ، وهو
نفيس العدوتين ، ورئيس الدولتين ، بالاطلاع على العلوم العقلية ، والامتاع بالفهوم
العقلية ».
كذلك يبدى النقاد
الأجانب اعجابهم وتقديرهم لابن الخطيب ، وينوّهون فى كثير من المناسبات بمنزلة
الرجل العلمية والأدبية ، وما زالت آثاره محل دراستهم المستفيضة ، معينا لا يغيض ،
ومنهلا بالمعارف يفيض.
وفى طليعة هؤلاء
النقاد الأجانب المستشرق الأسبانى (سيمونيت Simonet)
حيث يقول : «ان ابن الخطيب قد خلّف لنا آثارا كثيرة ، فى النثر والشعر ، والتاريخ
، والجغرافيا ، والرحلات ، والبلاغة ، والشريعة ، والعلوم ، والأخلاق ، والدين ،
والنبات ، والطب والبيطرة ، والموسيقى ، والفن الحربى ، والسياسة ، وكلها غنية فى
الابتكار والتعمق والرشاقة ».
وبهذه المناسبة
نذكر أن المستشرق «سيمونيت» تناول بالتحقيق والترجمة المدن الأندلسية التى وصفها
ابن الخطيب فى كتابه «معيار الاختيار ، فى ذكر المعاهد والديار» موضوع هذا الكتاب ـ كما
أسلفنا فى المقدمة ـ على نحو ما سنفصل القول عنه فى الباب الثالث ،
عند حديثنا عن قيمة مؤلفه هذا من الناحيتين التاريخية والأدبية.
__________________