قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

معيار الاختيار في ذكر المعاهد والدّيار

معيار الاختيار في ذكر المعاهد والدّيار

20/198
*

الحكم ، وبعث القاضى أبو الحسن بنوابه الى السلطان عبد العزيز وبأيديهم هذا الحكم ، فقابل السلطان رسل غرناطة بالاستنكار ، وخاطبهم قائلا : «هلا أنفذتم فيه حكم الشرع وهو عندكم ، وأنتم عالمون بما كان عليه!!!» وبالغ فى اكرام ابن الخطيب ، وأضفى عليه مزيدا من عنايته.

وتجدر الاشارة هنا الى أن ابن الخطيب قد لاحظ وقتئذ قوة المغرب فى عهد صديقه السلطان عبد العزيز ، ومبلغ العداء بين فاس وغرناطة وقد بلغ أوجه ، فحرض السلطان على ضم غرناطة لمملكته ، وقد رمى من وراء ذلك الى سحق أعدائه هناك ، وتأمين مقامه بالمغرب ، وما يتبع ذلك من حماية مصالحه.

ويظهر أن هذه السياسة قد لاقت قبولا عند السلطان عبد العزيز ، فصمم على تنفيذها ، وفى ذلك يقول ابن خلدون : «ثم تأكدت العداوة بينه (ابن الخطيب) وبين ابن الأحمر ، فرغب السلطان عبد العزيز فى ملك الأندلس وحمله عليه ، وتواعدوا لذلك عند رجوعه من تلمسان الى المغرب (١١)» ، وبلغت ابن الأحمر رغبة ملك المغرب هذه ، فتخوف لذلك كثيرا ، وأسرع الى ايفاد رسله بالهدايا والتحف الثمينة الى بلاط فاس ، آملا فى نيل رضا السلطان عبد العزيز ، واتقاء شره. ثم تفاجئ الظروف الموقف ، فيموت السلطان عبد العزيز بعدئذ بقليل ، ويجلس على عرش المغرب ابنه «أبو زيان محمد السعيد» طفلا فى الرابعة من عمره ، فى ربيع الآخر ٧٧٤  ـ  ١٣٧٢ م ، وقبض على زمام السلطة الفعلية وزيره «أبو بكر بن غازى» ، فتغيرت الأوضاع السياسية بالمغرب تماما ، واضطر ابن الخطيب حينئذ أن يتزلف الى الملك الطفل ووزيره ، فألف كتابه المعروف باسم «أعمال الأعلام ، فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الاسلام» ، وفيه يبرر هذا الوضع الجديد شرعا ، وعرفا وتاريخا ، وأورد لذلك الأشباه والنظائر ، ردا على المناهضين بالمغرب ، وخاصة بنى الأحمر وعملائهم.

__________________

(١١) ابن خلدون فى «العبر» ج ٧ ص ٣٣٨  ـ  ٣٤١.