لاطون (١١) ، وتحدى برقية لديغ ومداواة مبطون ، قد اشتمل بسمل غفاره وبين يديه غبار فى جلد فاره ، وطحن من اطعام كفارة (١٢). وأمامه تلميذ قد شمر الاكمام ، والتفت الخلف والامام ، وصرف لوحى لحظه ـ الاهتمام. وهو يأسو ويجرح ، ويتكلم بلسان القوم ثم يشرح ، ويقيد من حضره بقيد العزيمة فلا يبرح. ويقول :
أيها البهم السارح ، والحزب المسرور بما لديه الفارح ، والسرب الذي تقتاته لولاة البغى الجوارح (١٣). صرفتم غروب اعتنائكم ، لمآرب نسائكم وأبنائكم ، وذهلتم عمن حل بفنائكم ، وجعلتم تطعمون وتجمعون ، (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ)(١٤). من وقعت على منكم عينه ، فقد رأى فاتح أقفال الاسرار ، ومثبت (١١٧ : أ) الفرار ، ومصمت أولئك الصرار ، ومغور مياه الآبار بيسير الغبار ، ومخرج الاضمار فى المضمار ، ومذهب المس وطارد العمار (١٥).
أنا قاطع الدماء اذا نزفت ، وكاشف الغماء اذا ما انكشفت ، أهنا (١٦) الابل فلا تجرب ، وأخط حول الحمى فلا تدنو السباع ولا تقرب ، وأدخن بها فلا تتسلل الحية ولا تدب العقرب ، ان نعيت الشمس ـ لوقت محدود ـ طمس فيها نورها (١٧) ، وان وعدت الارض برى
__________________
(١١) يرجح أستاذنا عبد الله كنون أنها ربما تكون مشتقة من الكلمة الاسبانية لاطون «Laton» بمعنى النحاس ، فقد استعملها المقرى فى كتابه «نفح الطيب» بهذا المعنى.
(١٢) ولاة البغى : يقصد بهم شرطة المكوس.
(١٣) كان العامة يعتقدون نوعا من الشفاء فى مثل هذه الامور.
(١٤) اقتباسا من قوله تعالى : (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ، وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ، ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) سورة الانعام ، آية : ٣٦.
(١٥) العمار : الجن يسكنون البيوت.
(١٦) أهنأ الابل : أطلى الابل بالقطران.
(١٧) كناية عن تنبؤه بأحوال الطقس.