في هذه البلاد لاطلاق الحرية الدينية ، والحرية الفكرية ، والحرية القلمية (١).
فقد كان عضد الدولة (٣٦٧ ـ ٣٧٢ هـ) عاقلاً فاضلاً ، حسن السياسة ، كثير الاصابة ، شديد الهيبة ، بعيد الهمة ، ثاقب الراي ، محباً للفضائل واهلها ، باذلاً في مواطن العطاء ، ومانعاً في اماكن الحرم ، ناظراً في عواقب الامور (٢) ، يحب العلم والعلماء. ويجري الجرايات على الفقهاء والمتحدثين والمتكلمين والمفسرين والنحاة والقراء والنسابين والاطباء والحساب والمهندسين (٣).
ويقول الثعالبي : كان يؤثر مجالسة الادباء على منادمة الامراء (٤). وهذا مما ساعد على ازدهار الحركة العلمية والفكرية في مدينة بغداد وغيرها ازدهاراً سريعاً ، حتى صارت ايامها من ازهر العصور العلمية الاسلامية ، وذلك لتوفر الحرية الفكرية والعلمية ، وكانت هذه الحرية مزمومة مكمومة. وقد عوقب قبلهم بالموت ، كما جرى على الحسين بن منصور الحلاج عام ٣٠٩ هـ لشذوذه في التحرر ، فظهرت الاقلام الحرة ، وصرحت النفوس الكاتمة ، وتنفست الاصدور المحرجة ، واعترف بسلطان العقل ، فنفذ حكم المعقول في المنقول ، وكان المنقول قبل ذلك مقدساً ، كائنة ما كانت حقيقته من حيث الصحة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ مصطفى جواد ، ابو جعفر النقيب ، ص ٥.
٢ ـ ابن العبري ، تاريخ مختصر الدول ، ص ١٧٢.
٣ ـ ادم متز ، الحضارة الاسلامية ، ١ / ٤٦.
٤ ـ الثعالبي ، يتيمة الدهر ، ٢ / ٢١٦.