ويستخرجونها منه بالضرب كما يفعل المصادرون ، ولم يجد المستغيث مغيثاً (١). وفي عام ٤١٧ هـ تسلط الاتراك في بغداد ، فاكثروا مصادرات الناس ، وعظم الخطب ، وزاد الشر ، ودخل في الطمع العامة والعيارون (٢).
تلك كانت من جملة الاسباب التي دعت الى استيلاء السلاجقة على بغداد عام ٤٤٧ هـ ، غير ان هؤلاء سرعان ما انحازوا الى الاتجاه السلفي المتشدد ، واسرفوا في الفتك والبطش ، ووقعت في بغداد احداث خطيرة بسبب انحيازاتهم المذهبية ، وكانت المدة بين عامي ٤٤٧ ـ ٤٤٩ هـ من اعنف الفترات التي شهدتها بغداد ، فكثر الغلاء وتعذرت الاقوات ، واكل الناس الميتة ، وحقهم وباء عظيم ، فكثر الموت حتى دفن الموتى بغير غسل ولا تكفين (٣).
ويقول ابن تغري بردي : قد عم الوباء والقحط والفناء مدينة بغداد وغيرها من المدن خلال هذه الفترة (٤). ولاشك ان لهذا كله صلة بالانقسام الداخلي الذي اشتعل اواره في تلك الفترة ، لانه استنفد كثيراً من جهود الناس وصرف الدولة عن العناية بالمشاريع وتثبيت الامن والنظام وغير ذلك مما هو ضروري للانتعاش الاقتصادي. ويقول ابن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ ابن الجوزي ، المنتظم ، ٨ / ٢٢.
٢ ـ ابو الفدا ، المختصر ، ٥ / ١٥٦.
٣ ـ ابن الاثير ، الكامل ، ٩ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤.
٤ ـ ابن تعري بردي ، النجوم الزاهرة. ٥ / ٥٩.