ويقول ابن حجر : انها كانت دار علم ومناظرة (١). ومن اجل استمرار الحركة العلمية بمدينة بغداد ، اوقف الشريف المرتضى «قرية على كاغد الفقهاء» (٢) ، وكان الاتقياء من الناس ، وذوو اليسار منهم ، وعشاق العلم والمعرفة في بغداد ينشئون المدارس ويوقفون عليها بعض املاكهم لسد حاجات المدرسين والطلبة (٣).
وكان بعض الكتاب والباحثين يهدون مؤلفاتهم ومصنفاتهم الى دور العلم ببغداد (٤).
وهكذا غدت هذه المدينة خلال القرنين الرابع والخامس للهجرة مركزاً مهماً من مراكز العلم والثقافة. ومبعث الحركة الفكرية ، ومباءة العلم الوحيدة ، بل حاضرة الثروة والرفاهية والمدنية (٥).
فكان طلاب العلم يفدون إلي مراكزها الثقافية من جميع اطراف العالم الاسلامي ، ليرتووا من نميرها العذب الفياض ، ويتصلوا بعلمائها وشيوخها ، وكان الشيخ النجاشي واحدا من هؤلاء الاعلام الذين عايشوا الحركة العلمية في بغداد ، وتتلمذ على علمائها ، وعاصر مجدها الذهبي في العلم والمعرفة ، ولكنه في الوقت نفسه قد شاهد احداثا اثرت على مسيرة الحركة العلمية واصابتها بانتكاسات مروعة ، لان الازدهار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ ابن حجر ، لسان الميزان ، ٤ / ٢٢٣.
٢ ـ الافندي ، رياض العلماء ، ٣ / ورقة ٣٣٢.
٣ ـ خدا بخش ، الحضارة الاسلامية ، ص ١٧٣.
٤ ـ ياقوت ، معجم الادباء ، ١ / ٥ ـ ٦. ابن ابي صيعة ، عيون الانباء ، ١ / ١٤٦.
٥ ـ كرد علي ، الاسلام والحضارة الاسلامية ، ٢ / ٤٢.