وجاء في أعلام الموقعين لابن القيم : ( إن أصول الأحكام عند الإمام أحمد خمسة : الأول : النص ، والثاني : فتوى الصحابة ، وإن الأحناف والحنابلة قد ذهبوا إلى تخصيص الكتاب بعمل الصحابي ، لأن الصحابي العالم لا يترك العمل بعموم الكتاب إلّا لدليل ، فيكون عمله على خلاف عموم الكتاب دليلاً على التخصيص ، وقوله بمنزلة عمله ) (١).
ونذكر بالمناسبة بأن سنة الرسول تعني : القول والفعل والتقرير. ولاحظ ( وقوله عن الصحابي بمنزلة عمله ). فقول الصحابي على الإطلاق بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي يخصص عموم القرآن ويقيد مطلقاته ، كأن قول الصحابي وحي من السماء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والمشكلة أي صحابي بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي. إن نظرية عدالة الصحابة أعطت الصحابة ما لم يعطه الشرع لأئمة أهل البيت.
قال ابن خلدون ( إن الصحابة كلهم لم يكونوا أهل فتيا ، ولا كان الدين يؤخذ عن جميعهم ، وإنما كان مختصاً بالحاملين للقرآن ، العارفين بناسخه ومنسخوخه ، ومتشابهة ومحكمه ، وسائر أدلته بما تلقوه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو ممن سمعه منهم وعن عليتهم ، وكانوا يسمون لذلك « القرّاء » أي الذين يقرؤون الكتاب ، لأن العرب كانوا أمّة أميّة ، فاختص من كان قارئاً للكتاب بهذا الاسم لقرابته يؤمئذٍ ، وبقي الأمر كذلك صدر الملة ).
وعن محمد بن أبي سهل بن أبي خيثمة عن أبيه قال : ( كان الذين يفتون على عهد رسول الله ثلاثة نفر من المهاجرين وثلاثة نفر من الأنصار : عمر وعثمان وعلي ، وابي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت ).
وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن أبا بكر الصديق كان إذا نزل به أمر يريد مشاورة أهل الرأي دعا رجالاً من المهاجرين والأنصار. دعا عمر وعثمان وعليّاً وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل واُبي بن كعب وزيد بن ثابت ، وكل هؤلاء
__________________
(١) راجع المدخل إلى علم اصول الفقه لمعروف الدواليبي.