فقالت في أدب وحياء وخفر : إن أبي يطلبك ليكافئك على إحسانك لنا ، ويعطيك أجر سقيك لغنمنا.
واختلف العلماء في تعيين الأب من هو ، والجمهور ـ أو المشهور عند كثير من العلماء ـ على أن الداعي أباهما هو شعيب عليهالسلام الذي أرسل إلى أهل مدين ، وهما ابنتاه (١). وليس في ذلك شيء يأباه الدين كما قال الرازي.
وقد أجابها موسى عليهالسلام للتبرك بالشيخ ، لا طلبا للأجرة ، روي أنها لما قالت (لِيَجْزِيَكَ) كره ذلك ، ولما قدم إليه الطعام امتنع ، وقال : إنا أهل بيت لا نبيع ديننا بدنيانا ، ولا نأخذ على المعروف ثمنا ، حتى قال شعيب عليهالسلام : هذه عادتنا مع كل من ينزل بنا. هذا فضلا عن أن الضرورات تبيح المحظورات.
وتبع موسى المرأة إلى منزل أبيها ، وطلب منها أن تسير خلفه كيلا ينظر إليها ، وأن ترشده إلى الطريق ، وهي خلفه ، وهذا من أدب الرجال الذين أعدهم الله للنبوة.
٤ ـ حديث الأمان مع الشيخ الكبير : (فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ : لا تَخَفْ ، نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي فلما جاء موسى إلى الشيخ ، وأخبره عن قصته مع فرعون وقومه في كفرهم وطغيانهم ، وظلمهم بني إسرائيل ، وتآمرهم على قتله وسبب خروجه من بلده مصر ، قال له : لا تخف واطمئن وطب نفسا ، فإنك نجوت من سطوة الظالمين ، وخرجت من مملكتهم ، ولا سلطان لهم في بلادنا ، فاطمأن موسى وهدأت نفسه من القلق.
٥ ـ طلب البنت استئجار القوي الأمين : (قالَتْ إِحْداهُما : يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ، إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) أي قالت إحدى ابنتي الشيخ
__________________
(١) البحر المحيط : ٧ / ١١٤ ، تفسير ابن كثير : ٣ / ٣٨٤