الإصلاح الذين يفصلون في خصومات الناس بالحسنى والحكمة ، ولو كان أحد الخصوم من ذوي القربى أو العشيرة الواحدة.
(وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ : يا مُوسى ، إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ ، فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) أي وجاء رجل مؤمن من آل فرعون ، يخفي إيمانه عن الناس ، من أبعد مكان في المدينة ، يسرع ليخبر موسى بما دبره القوم من سوء له ، وقال : يا موسى ، إن فرعون وأشراف دولته يتشاورون فيك ، ويدبرون مؤامرة لقتلك ، فاخرج بسرعة من البلد ، إني لك ناصح أمين. ووصف بالرجولة لسلوكه طريقا أقرب من طريق المبعوثين وراء موسى.
(فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ) أي فخرج موسى من مدينة فرعون خائفا على نفسه يتلفّت ، ويترقب متابعة أحد له.
(قالَ : رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي قال موسى في هذه المحنة الشديدة : رب نجني من هؤلاء الظالمين : فرعون وملئه ، فاستجاب الله دعاه ونجاه ووصل إلى مدين ، كما قال تعالى : (وَقَتَلْتَ نَفْساً ، فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ ، وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) [طه ٢٠ / ٤٠].
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ وقوع حادثة قتل خطأ غير عمد من موسى عليهالسلام.
٢ ـ ندم موسى عليهالسلام على ذلك الوكز (الضرب بجمع الكف مجموعا كعقد ثلاثة وسبعين) ونسب الفعل إلى الشيطان ، وقال : رب ، إني ظلمت نفسي ، فاغفر لي ، فغفر له ، وحمله ندمه على الخضوع لربه والاستغفار من ذنبه ، قال قتادة : عرف والله المخرج فاستغفر ؛ ثم لم يزل عليهالسلام يعدّد ذلك