رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الفتنة تجيء من هاهنا ـ وأومأ بيده نحو المشرق ـ من حيث يطلع قرنا الشيطان ، وأنتم بعضكم يضرب رقاب بعض ، وإنما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأ ، فقال الله عزوجل : (وَقَتَلْتَ نَفْساً ، فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ ، وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً)».
(فَغَفَرَ لَهُ ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) أي فعفا عنه وقبل توبته ، إنه تعالى الستار لذنوب عباده المنيبين إليه ، الرحيم بهم أن يعاقبهم بعد التوبة والإنابة ، فشكر موسى ربه :
(قالَ : رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ، فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ) أي قال موسى : يا رب اعصمني من الخطأ بحق ما أنعمت علي من المعرفة والحكمة والتوحيد ، ومن الجاه والعز والنعمة ، فلن أكون إن عصمتني معينا لمن ظلم وأجرم وأشرك. أو أقسم بإنعامك علي بهذه النعم الكثيرة لأتوبن ، ولن أناصر المشركين.
قال القشيري : ولم يقل لما أنعمت علي من المغفرة ؛ لأن هذا قبل الوحي ، وما كان عالما بأن الله غفر له ذلك القتل.
وذكر الماوردي وغيره أن الإنعام بالمغفرة أو الهداية. قال القرطبي : (فَغَفَرَ لَهُ) يدل على المغفرة ، والله أعلم.
وأراد بمظاهرة المجرمين : إما صحبة فرعون وانتظامه في جملته ، وتكثير سواده ، حيث كان يركب بركوبه كالولد مع الوالد ، وكان يسمى ابن فرعون ؛ وإما بمظاهرة من أدّت مظاهرته إلى الجرم والإثم ، كمظاهرة الإسرائيلي المؤدية إلى القتل الذي لم يحل له قتله.
ونظير الآية قوله تعالى : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ، فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) [هود ١١ / ١١٣].