وذلك شبيه بإنكار قريش نبوة الرسول محمد صلىاللهعليهوسلم مع ما جاءهم به من الحق ، فوصفوه بالسحر المفترى ، وتنكروا للإيمان برسالته بأعذار واهية ، فأنذرهم القرآن بعذاب مماثل لقوم فرعون ، وأبان لهم أن الله لا يعذب قوما إلا بعد إرسال رسول إليهم ، وأن الرسول باختيار الله تعالى لا بحسب أهواء المشركين ، وأن آلهتهم المزعومة ستتبرأ من عبادتهم يوم القيامة ، وأن الله هو الإله الواحد الذي لا شريك له ، وأنه القادر على بعث الأموات ، كما قدر على بدء الخلق ، وإيجاد تعاقب الليل والنهار. وسيشهد الأنبياء على أممهم بتبليغ رسالات ربهم ، وقد آمن جماعة من أهل الكتاب ، وسيعطون أجرهم مرتين ، وأن الهداية بيد الله تعالى ، لا بيد رسوله ، فلن يتمكن من هداية من أحب.
وأعقب ذلك بقصة مشابهة هي قصة قارون من قوم موسى واعتماده على طغيان الثروة والمال كاعتماد فرعون على طغيان السلطة والحكم ، فكان مصيره أشأم من مصير فرعون وهو الخسف به وبداره الأرض ، فما كان له من فئة ينصرونه وما كان من المنتصرين.
وكل من خبر القصتين برهان قاطع على صحة نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه لم يكن حاضرا معهم ، ولم يتعلم ذلك من معلم.
وختمت القصتان بإعلان مبادئ :
أولها ـ أن ثواب الآخرة يكون للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا.
وثانيها ـ أن الإيمان بالله وباليوم الآخر هو طريق السعادة الموجب لمضاعفة الحسنات ومقابلة السيئات بجزاء واحد ، وتحقيق النصر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم على أعدائه ، وعودته إلى مكة فاتحا بعد تهجيره منها.