والعمل بما أنزل علي ، وإنه سبحانه سيريكم آياته الدالة على عظمته وحكمته وقدرته وأمارات عذابه وسخطه ، ويتبين لكم صدق دعوتي ، فتعرفون كل ذلك ، ولكن حين لا ينفعكم الإيمان.
ونظير الآية : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ، أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت ٤١ / ٥٣].
(وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) وما الله بغافل عما يعمله المشركون وغيرهم ، بل هو شهيد على كل شيء ، ولكن يؤخر عذابهم إلى أجل على وفق إرادته وحكمته. وهذا تقرير لما سبق من الوعد والوعيد ، وتبشير للنبي بأن الله ناصره ومخزي أعدائه الكافرين.
روى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يا أيها الناس لا يغترنّ أحدكم بالله ، فإن الله لو كان غافلا شيئا لأغفل البعوضة والخردلة والذرّة». وروى أيضا عن عمر بن عبد العزيز قال : فلو كان الله مغفلا شيئا لأغفل ما تعفي الرياح من أثر قدمي ابن آدم.
فقه الحياة أو الأحكام :
أمر النبي صلىاللهعليهوسلم ومثله أمته في هذه الآيات بأوامر ثلاثة هي :
١ ـ تخصيص الله وحده بالعبادة دون اتخاذ شريك له. ووصف الله نفسه بأمرين :
أحدهما ـ أنه رب هذه البلدة أي مكة ، واختصها من بين سائر البلاد بإضافة اسمه إليها ؛ لأنها أحب بلاده إليه وأكرمها عليه ، وأشار إليها إشارة تعظيم لها ، دالا على أنها موطن نبيه ومهبط وحيه.
وقد حرمها لتحريمه فيها أشياء على من يحج ، ولأن اللاجئ إليها آمن ،