المفردات اللغوية :
(الصُّورِ) البوق الذي ينفخ فيه ، والمقصود هنا : النفخة الأولى من إسرافيل (فَفَزِعَ) خاف ، والمراد هنا الخوف الشديد المفضي إلى الموت من الهول ، وعبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) ألا يفزع بأن ثبّت قلبه ، وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ملك الموت. وعن ابن عباس : هم الشهداء إذ هم أحياء عند ربهم يرزقون (وَكُلٌّ أَتَوْهُ) حاضرون الموقف بعد النفخة الثانية ، أو راجعون إلى أمره ، وتنوين (كُلٌ) عوض عن المضاف إليه ، أي وكلهم بعد إحيائهم يوم القيامة أتوه (داخِرِينَ) صاغرين ، والتعبير ب (أَتَوْهُ) بالماضي لتحقق وقوعه.
(وَتَرَى الْجِبالَ) تبصرها وقت النفخة (تَحْسَبُها) تظنها (جامِدَةً) ثابتة في مكانها لعظمها (وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) أي في السرعة ؛ لأن الأشياء الكبار إذا تحركت في سمت واحد ، فلا تكاد تتبين حركتها. وهنا شبهها بالسحب التي تسيرها الرياح (صُنْعَ اللهِ) مصدر مؤكد لمضمون الجملة قبله ، أضيف إلى فاعله بعد حذف عامله ، تقديره : صنع الله ذلك صنعا (أَتْقَنَ) أحكم خلقه وسواه على ما ينبغي (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) عالم بظواهر الأفعال وبواطنها ، فيجازيهم عليها.
(بِالْحَسَنَةِ) أي الإيمان والعمل الصالح (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) أي له ثواب بسببها وليس هذا للتفضيل ، إذ لا فعل خير منها ، وفي آية أخرى : (عَشْرُ أَمْثالِها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ) الفزع هنا : الخوف من العذاب ، وهم : أي الفاعلون الحسنة وأما الفزع الأول في قوله (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ) فهو ما لا يخلو عنه أحد عند الإحساس بشدة تقع ، وهول يفجأ من رعب وهيبة ، وإن كان المحسن يأمن لحاق الضرر به (بِالسَّيِّئَةِ) الإشراك بالله والمعاصي (فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) أي ألقيت منكوسة ، ويجوز أن يراد بالوجوه أنفسهم ، وذكرت لأنها موضع الشرف من الحواس ، فغيرها من باب أولى (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي ما تجزون إلا جزاء عملكم من الشرك والمعاصي. وهذا القول المستفهم به للتبكيت.
المناسبة :
بعد ذكر العلامة الأولى لقيام القيامة وهي خروج الدابة للكلام والحديث ، ذكر الله تعالى علامتين أخريين لقيام القيامة وهما النفخ في الصور ، وتسيير الجبال ، ثم ذكر أحوال المكلفين يوم القيامة وأنهم قسمان : المطيعون الأبرار الذين يعملون الحسنات ، فيثابون خيرا منها ويأمنون الفزع من العذاب ، والعصاة