المفردات اللغوية :
(خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) محقا غير قاصد به باطلا ، وقصده بالذات من خلقهما إفاضة الخير ، والدلالة على ذاته وصفاته ، كما أشار إليه بقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) دلالة على قدرته تعالى. (لِلْمُؤْمِنِينَ) لأنهم المنتفعون بها في الإيمان ، بخلاف الكافرين.
(اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ) القرآن ، تقربا إلى الله بقراءته ، واستكشافا لمعانيه ، (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) بأن تكون سببا للانتهاء عن المعاصي حال الاشتغال بها وغيرها ؛ لأنها تذكر بالله ، وتورث النفس خشية ، أي من شأنها ذلك. والمنكر : القبيح شرعا وعقلا. روي أن فتى من الأنصار كان يصلي مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم الصلوات ، ولا يدع شيئا من الفواحش إلا ركبه ، فوصف له ، فقال : «إن صلاته تنهاه» فلم يلبث إلا أن تاب. (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) أي إن الصلاة أكبر من سائر الطاعات ، وإنما عبر عنها بالذكر ؛ لاشتمالها على الذكر الذي هو العمدة في تفضيلها على سائر الحسنات ونهيها عن السيئات. ويصح أن يكون المعنى : ولذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته. (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) منه ومن سائر الطاعات ، فيجازيكم به أحسن المجازاة.
المناسبة :
بعد أن أمر الله تعالى الناس بالإيمان ، وأبان ضعف دليل الكفار على عبادة معبوداتهم ، لفت النظر إلى من تجب له العبادة وهو الذي لا يعجزه شيء ، وخالق السموات والأرض ، والمرشد بكتابه إلى معالم الحق ، والمبين طريق العبادة المرضية له وهو الصلاة. كما أن في الآيات تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم وللمؤمنين عن إعراض الكفار واليأس منهم ، بالتأمل في خلق السموات والأرض وتلاوة القرآن الدال على أن الرسل السابقين كنوح وإبراهيم ولوط بلغوا الرسالة ، وأقاموا الأدلة على الإيمان بالله تعالى ، ولم ينقذوا قومهم من الضلالة والجهالة.
التفسير والبيان :
(خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) أي إن الله تعالى أوجد وأبدع السموات والأرض للدلالة على قدرته العظيمة ، وإفاضة الخير ، ولحكم وفوائد دينية ودنيوية ، فقد خلقهما محقا غير قاصد الباطل ، ولم