سبب النزول :
نزول الآية (٨٥):
(إِنَّ الَّذِي فَرَضَ) : أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لما خرج النبي صلىاللهعليهوسلم من مكة ، فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة ، فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ).
وقال مقاتل : إنه صلىاللهعليهوسلم خرج من الغار ـ غار ثور حين الهجرة ـ وسار في غير الطريق ، مخافة الطلب ، فلما أمن رجع إلى الطريق ، ونزل بالجحفة بين مكة والمدينة ، وعرف الطريق إلى مكة ، واشتاق إليها ، وذكر مولده ومولد أبيه ، فنزل جبريل عليهالسلام ، وقال له : تشتاق إلى بلدك ومولدك؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : نعم ، فقال جبريل عليهالسلام : فإن الله تعالى يقول: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) يعني إلى مكة ظاهرا عليهم. قال الرازي : وهذا المعنى أقرب ؛ لأن ظاهر المعاد أنه كان فيه ، وفارقه وحصل العود ، وذلك لا يليق إلا بمكة ، وإن كان سائر الوجوه محتملا ، لكن ذلك أقرب (١).
المناسبة :
قال الرازي أيضا : ثم إنه سبحانه لما شرح لرسوله أمر القيامة ، واستقصى في ذلك ، شرح له ما يتصل بأحواله ، فقال : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ)(٢).
وهذا يعني أن الله تعالى بعد أن قص في هذه السورة على رسوله قصص موسى مع فرعون ، وقصص قارون مع قومه بني إسرائيل ، وبيّن هلاك كل من
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٥ / ٢١.
(٢) المرجع والمكان السابق.