لاجتماعهم على خلافنا ، ولا طاقة لنا بهم. قال ابن عباس : قائل ذلك من قريش الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف القرشي.
٤ ـ أجاب الله تعالى عن هذه الشبهة بأجوبة ثلاثة :
الأول ـ أنه سبحانه جعل حرم مكة ذا أمن ، فكانت العرب في الجاهلية يغير بعضهم على بعض ، ويقتل بعضهم بعضا ، وأهل مكة آمنون حيث كانوا بحرمة الحرم ، فقد أمّنهم بحرمة البيت ، ومنع عنهم عدوهم ، فلا يخافون أن تستحل العرب حرمة في قتالهم ، فما الذي يمنعهم من الإيمان بعد توافر الأمان؟!
ومن مزايا الحرم المكي بعد الأمن أنه يجمع إليه ثمرات كل أرض وبلد ، فضلا ورزقا من عند الله ، ولكن أكثر المكيين لا يعقلون ، أي هم غافلون عن الاستدلال ، وأن من رزقهم وأمّنهم فيما مضى حال كفرهم يرزقهم لو أسلموا ، ويمنع الكفار عنهم في إسلامهم.
وخلاصة هذا الجواب : أنه تعالى لما جعل الحرم آمنا ، وأكثر فيه الرزق حال كونهم معرضين عن عبادة الله تعالى ، مقبلين على عبادة الأوثان ، فلا حرج في إيمانهم ؛ إذ لو آمنوا لكان بقاء هذه الحالة أولى.
فهذا رد أول على تعللهم بترك الإيمان.
الثاني ـ بعد أن بيّن تعالى ما خص به أهل مكة من النعم ، أتبعه ببيان ما أنزله على الأمم الماضية المنعمين بنعم الدنيا بسبب تكذيب الرسل ، فإذا توهموا أنه لو آمنوا لقاتلتهم العرب ، فذلك وهم باطل ؛ لأن الخوف في ترك الإيمان أكثر.
فكم من قوم كفروا ، ثم حلّ بهم الدمار ، ولما قالوا : إنا لا نؤمن خوفا من زوال نعمة الدنيا ، بيّن الله تعالى لهم أن الإصرار على عدم قبول الإيمان هو الذي يزيل هذه النعم ، لا الإقدام على الإيمان ؛ والدليل أنه تعالى أهلك كثيرا من