[الأنعام ٦ / ١٢٢] وله الحكمة البالغة ، وربّك هو العالم بالمستعدين للهداية ، فيهديهم ، لأنهم مستحقون لها ، وعالم أيضا بالمستعدين للغواية ، فلا يهديهم ، لأنهم لا يستحقونها. والمراد بالآية تسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم في عدم تمكنه من هداية قومه.
ويلاحظ أنه لا دلالة في ظاهر هذه الآية على كفر أبي طالب ، لكن الثابت في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كما بينت ، قال الزجاج : أجمع المسلمون على أنها نزلت في أبي طالب ، وذلك أن أبا طالب قال عند موته : يا معشر بني عبد مناف ، أطيعوا محمدا وصدقوه ، تفلحوا وترشدوا ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «يا عم ، تأمرهم بالنصح لأنفسهم وتدعها لنفسك! قال : فما تريد يا ابن أخي؟ قال : أريد منك كلمة واحدة ، فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا أن تقول : لا إله إلا الله ، أشهد لك بها عند الله تعالى ، قال : يا ابن أخي ، قد علمت أنك صادق ، ولكني أكره أن يقال : جزع عند الموت ، ولو لا أن يكون عليك وعلى بني أبيك غضاضة ومسبّة بعدي لقلتها ولأقررت بها عينك عند الفراق ، لما أرى من شدة وجدك ونصحك ، ولكني سوف أموت على ملة الأشياخ : عبد المطلب ، وهاشم ، وعبد مناف». قال القرطبي : والصواب أن يقال : أجمع جل المفسرين على أنها نزلت في شأن أبي طالب عم النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو نص البخاري ومسلم.
ونظير الآية : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ ، وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [البقرة ٢ / ٢٧٢] وقوله تعالى : (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) [يوسف ١٢ / ١٠٣].
والخلاصة : أن الهداية ـ كما ذكر الرازي : ـ بمعنى الإلجاء والقسر غير جائز ، لأن ذلك قبيح من الله تعالى في حق المكلف ، وفعل القبيح مستلزم للجهل أو