الكتب بمحمد وتطابق الأوصاف عليه. فقوله : (مِنْ قَبْلِهِ) أي قبل القرآن. و (هُمْ بِهِ) أي بالقرآن أو بمحمد صلىاللهعليهوسلم أو بهما معا يصدّقون.
وللآية نظائر كثيرة منها : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ ، أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) [البقرة ٢ / ١٢١] ، ومنها : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ ، وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ) [آل عمران ٣ / ١٩٩] ، ومنها : (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً ، وَيَقُولُونَ : سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً) [الإسراء ١٧ / ١٠٧ ـ ١٠٨].
(وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا : آمَنَّا بِهِ ، إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا ، إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) أي وإذا قريء عليهم القرآن ، قالوا : صدقنا به ، وآمنا بأنه الكلام الحق الصدق الثقة من ربّنا ، وكنا مصدقين بالله مسلمين له أي موحدين ، مخلصين لله ، مستجيبين له ، من قبل نزول هذا القرآن ، أو من قبل بعثة محمد صلىاللهعليهوسلم.
وهذا دليل على قدم إيمانهم ، لما وجدوه في كتب الأنبياء عليهمالسلام المتقدمين من البشارة بمقدم النبي محمد صلىاللهعليهوسلم ، فمدحهم تعالى بهذا المدح العظيم وقال :
(أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا) أي إن هؤلاء المتصفين بهذه الصفة الذين آمنوا بالكتاب الأول وهو كتابهم ، ثم بالثاني وهو القرآن لهم ثواب مضاعف مرتين ، جزاء صبرهم وثباتهم على الإيمانين ، فإن تجشم مثل هذا شديد على النفوس ، فإنهم لم يأبهوا بإيذاء قومهم.
ونظير الآية : (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) [الحديد ٥٧ / ٢٨] ، وورد في الحديث الصحيح عند البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضياللهعنه قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين : رجل من أهل الكتاب آمن