وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا قرأ هذه الآية قال : «بل الله خير وأبقى ، وأجل وأكرم».
ثم انتقل من التوبيخ والتبكيت إجمالا إلى الرد المفصل على عبدة الأوثان ببيان الأدلة على أنه تعالى إله واحد لا شريك له ، قادر على كل شيء ؛ لأنه الخالق لأصول النعم وفروعها ، فكيف تصح عبادة ما لا منفعة منه أصلا؟ وتلك الأدلة أنواع :
١ ـ ما يتعلق بالسموات : (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ، وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً ، فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ، ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها ، أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) أي أعبادة الأوثان التي لا تضر ولا تنفع خير أم عبادة من خلق السموات في ارتفاعها وصفائها ، وما جعل فيها من كواكب نيّرة ونجوم زاهرة وأفلاك دائرة ، وخلق الأرض الصالحة للحياة الهادئة ، وجعل فيها الجبال والسهول ، والأنهار والوديان ، والزروع والأشجار ، والثمار والبحار ، والحيوانات المختلفة الأصناف والأشكال والألوان ، وأنزل لأجل عباده من السماء مطرا جعله رزقا لهم ، فأنبت به بساتين ذات بهجة ونضارة ، وشكل حسن ومنظر بهي ، ولولاه ما حصل الإنبات ، ولم تكونوا تقدرون على إنبات الأشجار والزروع.
فهو المنفرد بالخلق والرزق ، فهل يصح بعدئذ وجود إله مع الله يعبد؟ كما قال تعالى : (وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ) [المؤمنون ٢٣ / ٩١].
بل هؤلاء المشركون قوم يميلون عن الحق إلى الباطل ، وينحرفون عن جادة الصواب ، فيجعلون لله عدلا ونظيرا.
ونظير الآية كثير مثل : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ ، أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [النحل ١٦ / ١٧] (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [الزخرف ٤٣ / ٨٧] ونحو