والترويج على الناس ، والإظهار لرعيته تكذيب موسى فيما زعمه من دعوى إله غير فرعون. ثم ذكر الله تعالى سبب غروره وعناده فقال :
(وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ) أي لقد طغى فرعون وقومه وأتباعه وتجبروا ، وأكثروا في الأرض الفساد ، واعتقدوا أنه لا قيامة ولا معاد ، ولا حساب ولا عقاب ، وكل من توهم ذلك هان عليه الطغيان والاستكبار والاستعلاء في الأرض ، ولم يعلموا أن الله رقيب عليهم ومجازيهم بما يستحقون ، لذا أبان تعالى عقابهم العاجل في الدنيا بعد تهديدهم بعقاب الآخرة فقال :
(فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ ، فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ ، فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) أي أغرقناهم في البحر في صبيحة واحدة ، فلم يبق منهم أحد ، فانظر أيها المتأمل في قدرة الله وعظمته وآياته كيف كان مصير هؤلاء الظالمين الذي ظلموا أنفسهم ، وكفروا بربهم ، وادعى كبيرهم الألوهية من دون الله.
ثم ذكر الله تعالى ما يوجب مضاعفة عذابهم فقال :
(وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ) أي وجعلنا فرعون وأشراف قومه قادة ضلال في تكذيب الرسل وإنكار وجود الإله الصانع ، فلم يكتفوا بضلال أنفسهم ، بل قاموا بإضلال غيرهم ، فاستحقوا جزاءين : جزاء الضلال والإضلال ، ولا أمل لهم في النجاة ونصرة الشفعاء ، فهم يوم القيامة لا نصير ولا شفيع لهم ينصرهم من بأس الله ويدفع عنهم عذاب الله ، فاجتمع عليهم خزي الدنيا وذل الآخرة ، كما قال :
(وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً ، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) أي وألزمناهم بصفة دائمة في الدنيا لعنة وخزيا وغضبا على ألسنة المؤمنين والأنبياء المرسلين ، كما أنهم يوم القيامة من المطرودين المبعدين عن رحمة الله ، كما قال تعالى :