وبعد أن نهى الله عن موالاة الكافرين ، أمر بموالاة الله ورسوله والمؤمنين ، فقال : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) أي ليس اليهود بأوليائكم وأنصاركم ، وإنما وليكم وناصركم بحق هو الله ومعه رسوله والمؤمنون الذين يقيمون الصلاة ، أي يؤدونها كاملة تامة الأركان والشروط ، ويؤتون الزكاة أي يعطونها بإخلاص وطيب نفس لمن يستحقها ، وهم خاضعون لأوامر الله ، بلا تململ ولا تضجر ولا رياء.
ومن يناصر دين الله بالإيمان به والتوكل عليه ، ويؤازر رسول الله والمؤمنين دون أعدائهم ، فإنه هو الفائز الناجي ، وهو الذي يحقق النصر والغلبة ، وعندها يتحقق نصر حزب الله وغلبتهم أي جماعة المؤمنين ، ويكون المؤمنون هم الغالبون ؛ لأنهم حزب الله ، كما قال تعالى : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) إلى قوله : (أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ ، أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة ٥٨ / ٢١ ـ ٢٢] فكل من رضي بولاية الله ورسوله والمؤمنين ، فهو مفلح في الدنيا والآخرة ، ومنصور فيهما.
فقه الحياة أو الأحكام :
١ ـ تضمنت الآيات وعيدا لمن سبق في علمه أنه سيرتد بعد وفاة النبيصلىاللهعليهوسلم ، وإخبارا غيبيا أنه سيرتد قوم من الناس.
كما تضمنت أيضا وعدا من الله لمن سبق له في علمه أنه لا يبدل ولا يغير دينه ، ولا يرتد.
فلما قبض الله نبيه صلىاللهعليهوسلم ارتد قوم من أهل القبائل ، فأبدل الله المؤمنين بخير منهم ، ووفى للمؤمنين بوعده ، وأنفذ فيمن ارتد منهم وعيده (١).
__________________
(١) تفسير الطبري : ٦ / ١٨٢