وقضاياه الكبرى الأساسية. ولا مانع من وجود علاقات لمصالح دنيوية تقتضيها الضرورة ، بدليل ما قال الطبري في قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) : يعني ومن يتولّ اليهود والنصارى دون المؤمنين ، فإنه منهم ، فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين ، فهو من أهل دينهم وملتهم ، فإنه لا يتولى متول أحدا إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض ، وإذا رضيه ورضي دينه ، فقد عادى ما خالفه وأسخطه ، وصار حكمه حكمه (١).
ودل قوله : (فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) أن حكمه حكمهم ، وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد.
وهذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع الموالاة ، وقد قال تعالى : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) [هود ١١ / ١١٣] وقال تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران ٣ / ٢٨] وقال سبحانه : (لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ) [آل عمران ٣ / ١١٨].
وأعلن تعالى فصل الموالي للكفار عن جماعة المؤمنين ، فقال : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) أي لأنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا ، ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم ، ووجبت له النار كما وجبت لهم ؛ فصار منهم ، أي من أصحابهم.
٢ ـ إن مخاوف المنافقين التي أدت بهم إلى موالاة الكفار تتبدد أمام تدبير الله وتأييده ونصره ، وتدمير الأعداء ، وإحباط مخططاتهم ، وإذلالهم.
٣ ـ ظهور حقيقة المنافقين في مرأى المؤمنين ، فيتعجبون من شأنهم ، قائلين لبعضهم : أهؤلاء الذين ادعوا نصرتنا بالأيمان المغلظة؟ أو قائلين لليهود على
__________________
(١) تفسير الطبري : ٦ / ١٧٩