النعمان في جراب دقيق به خرق ، وخبأها عند زيد بن السمين اليهودي ، فتناثر الدقيق من بيت قتادة إلى بيت زيد ، فلما تنبه قتادة للسرقة ، التمسها عند طعمة ، فلم توجد ، وحلف ما أخذها ، وما له بها علم ، ثم تنبهوا إلى الدقيق المتناثر ، فتبعوه ، حتى وصل إلى بيت زيد فأخذوها منه ، فقال : دفعها إلي طعمة ، وشهد ناس من اليهود بذلك ، وهمّ رسول اللهصلىاللهعليهوسلم أن يجادل عن طعمة ؛ لأن الدرع وجد عند غيره ، فنزل قوله تعالى : (وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) الآية المتقدمة ، ثم نزلت هذه الآية لبيان حكم السرقة (١).
وأخرج أحمد وغيره عن عبد الله بن عمرو أن امرأة سرقت على عهد رسول الله ، فقطعت يدها اليمنى ، فقالت : هل لي من توبة يا رسول الله؟ فأنزل الله في سورة المائدة : (فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ ، فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ، إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٢).
المناسبة :
هناك تناسب واضح بين حكم السرقة وحكم الحرابة ، فالحرابة كما يقول الحنفية : سرقة كبري ، والأخرى : سرقة صغرى ، فبعد أن بيّن الله تعالى عقوبة المحاربين الذين يفسدون في الأرض ، وأمر الناس بتقوى الله حتى يبتعدوا عن الحرام والمعاصي ، ذكر عقوبة اللصوص الذين يأخذون المال خفية ، ومن أنواع عقاب المحاربين في آية الحرابة : قطع الأيدي والأرجل من خلاف ، وعقاب السرقة : قطع اليد.
التفسير والبيان :
يأمر تعالى ولاة الأمور ويحكم بقطع يد السارق والسارقة ، فمن سرق من
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي : ص ١١١
(٢) أسباب النزول للسيوطي.