إلا حقوق الله وحدوده ، دون حقوق الآدميين ، كما ذكر السيوطي ، فإذا قتل قاطع الطريق أحدا ، وأخذ المال وتاب ، يقتل ويقطع ولا يصلب ، وهو أصح قولي الشافعي ، ولا تفيد توبته بعد القدرة عليه شيئا ، وهو أصح قوليه أيضا.
سبب النزول :
نزلت هذه الآية في قطّاع الطرق ، لا في المشركين ولا في المرتدين ، كما قيل بكل ؛ فإن كلا منهما إذا تاب ، قبلت توبته ، سواء أكانت التوبة قبل القدرة عليهم أم بعدها ، أما قطاع الطريق فيسقط عنهم الحد إذا تابوا قبل القدرة عليهم ولا يسقط عنهم إذا تابوا بعد القدرة عليهم.
روى البخاري ومسلم عن أنس : أن ناسا من عكل وعرينة قدموا على النبيصلىاللهعليهوسلم ، وتكلموا بالإسلام ، فاستوخموا المدينة (١) ، فأمر لهم النبي صلىاللهعليهوسلم بزود من الإبل (٢) وراع ، وأمرهم أن يخرجوا إلى الصحراء ، فيشربوا من أبوالها وألبانها ، فانطلقوا حتى إذا كانوا بناحية الحرّة ، كفروا بعد إسلام ، وقتلوا الراعي ـ وفي رواية : مثّلوا به ، واستاقوا الزود من الإبل ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فبعث في طلبهم ، فأتوا فأمر بهم ، فسملوا أعينهم (٣) ، وقطعوا أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وتركوا حتى ماتوا ، فنزلت الآية.
وقيل : نزلت في قوم هلال بن عويمر الأسلمي ، وكان بينه وبين رسول اللهصلىاللهعليهوسلم عهد على أنه لا يعينه ولا يعين عليه ، وأنه إن مرّ به أحد من المسلمين ، أو مرّ عليه من يقصد النبي صلىاللهعليهوسلم لا يتعرض له بسوء ، فمر قوم من بني كنانة يريدون الإسلام بقوم من بني هلال ، وكان هلال غائبا ، فقطعوا عليهم الطريق ، وقتلوا منهم ، وأخذوا أموالهم.
__________________
(١) وجدوها رديئة المناخ.
(٢) الزود : من ثلاثة إلى تسعة.
(٣) كحلوها بمسامير الحديد المحماة.