ولأصحابك ، قال مجاهد وغيره : يعني بذلك تمالؤهم على الفتك برسول اللهصلىاللهعليهوسلم. والخائنة : الخيانة كالقائلة بمعنى القيلولة والخاطئة بمعنى الخطيئة. وقال بعضهم : معنى ذلك : ولا تزال تطلع على خائن منهم ، والعرب تزيد الهاء في آخر المذكر ، كقولهم : هو راوية للشعر ، ورجل علامة (١).
قال الطبري : والصواب من القول أن الله عنى بهذه الآية يهود بني النضير الذين هموا بقتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه إذ أتاهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم يستعينهم في دية العامريين ، فأطلعه الله على ما قد هموا به (٢).
(إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) أي ما تزال تطلع على خياناتهم المتكررة الصادرة منهم إلا قليلا منهم وهو من آمن وحسن إيمانه ، كعبد الله بن سلام وأصحابه ممن أسلموا ، فلا تخف منهم خيانة.
فاعف عما بدر منهم ، واصفح عمن أساء منهم ، وعاملهم بالإحسان ، إن الله يحب المحسنين الذين أحسنوا العفو والصفح عن المسيء ، ويثيبهم على إحسانهم ، وهذا هو عين النصر والظفر ، كما قال بعض السلف : «ما عاملت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه» وبهذا يحصل لهم تأليف وجمع على الحق ، ولعل الله أن يهديهم (٣).
وقد ثبت أن النبي صلىاللهعليهوسلم عامل طوائف اليهود الثلاث حول المدينة (وهم بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة) أحسن معاملة في بدء الأمر وأثنائه ونهايته ، ففي البداية بعد الهجرة إلى المدينة عقد معهم صلحا معروفا هو وثيقة المدينة ، ووادعهم وعاهدهم على المسالمة وألا يحاربوه ولا يمالئوا عليه عدوا له ، وأنهم آمنون
__________________
(١) تفسير الطبري : ٦ / ١٠١
(٢) المرجع والمكان السابق.
(٣) تفسير ابن كثير : ٢ / ٣٣