بالصدق. وذكر الاتباع في قولهم دليل على صحة الإيمان ، لأن الإيمان يقتضي العمل.
ثم أخبر الله تعالى عن مؤامرة جماعة من بني إسرائيل على قتل عيسى ، فوشوا به إلى ملك ذلك الزمان ، وكان كافرا : أن هنا رجلا يضل الناس ، ويصدهم عن طاعة الملك ، ويفسد الرعايا ، ويفرق بين الأب وابنه ، وهذا هو مكرهم بتوكيل من يقتله غيلة ، فأبطل الله مكرهم وأفسد تدابيرهم ، إذ بعث الملك في طلبه لأخذه وصلبه والتنكيل به ، فلما أحاطوا بمنزله ، وظنوا أنهم قد ظفروا به ، بإلقاء شبهه على رجل ممن كان عنده في المنزل ، نجّاه الله تعالى من بينهم ، ورفعه إلى السماء.
والله خير المدبرين ، وأنفذهم خطة ، وأحكمهم وأقواهم صنعا ، وأقدرهم على إضرارهم ، وإتمام حكمته ، وإنفاذ مشيئته ، وتركهم في ضلالهم يعمهون : يعتقدون أنهم قد ظفروا بمطلبهم ، وحققوا مأربهم.
وقال أبو حيان : معناه : أي المجازين أهل الخير بالفضل وأهل الجور بالعدل ؛ لأنه فاعل حق في ذلك ، والماكر من البشر فاعل باطل في الأغلب (١).
ثم ذكر الله رفع عيسى إلى السماء مخاطبا نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم وقائلا : اذكر يا محمد حين قال الله لعيسى : إني موفيك أجلك كاملا ، ورافعك إلي ، وهذه بشارة له بنجاته من كيدهم وتدبيرهم.
وللمفسرين رأيان في تأويل هذه الآية :
١ ـ إن في الآية تقديما وتأخيرا : والتقدير : إني رافعك إلي ومطهرك من
__________________
(١) البحر المحيط : ٢ / ٤٧٢