وبناء عليه يجب بيع الشيء بجنسه بوزن مساوله ، وإن اختلفا في الصياغة وعدمها ، ويصح بيع الذهب أو الفضة بالنقود الورقية الحالية مع التفاضل ، لاختلاف الجنس ، بشرط التقابض في مجلس العقد لكونهما نقدين ، سدا للذرائع ، وبسبب تفاوت سعر الذهب والفضة ارتفاعا وانخفاضا بين وقت وآخر ، فما يحدث في أسواق الصاغة من بيع وشراء كيلو ذهب مثلا أو سبيكة بوزن معين وبسعر معين دون قبض المبيع ودفع الثمن نقدا : لا يجوز شرعا ، درءا للمنازعات.
سبب تحريم الربا :
الإسلام دين الجهد والعمل ، والتعاطف والتراحم ، والود والحب والوئام ، والصفاء وسلامة النفوس من الأحقاد ، والحق والعدل.
فلا يجيز كسبا بغير عمل ، ويرغب في الصدقة والقرض الحسن ، ويحرم استغلال حاجة الضعيف ، ويحظر كل ما يؤدي إلى العداوة والبغضاء والمنازعات ، ويستأصل الحقد والحسد والجشع والطمع من النفوس ، ويوجب أخذ المال من طريق مشروع حلال لا ظلم فيه ، ويكره تكديس الثروة في أيدي فئة قليلة من الناس تتحكم في مصائر الآخرين وأقواتهم وتتلاعب باقتصاديات الدولة والأمة.
لهذه المبادئ السامية كلها ، وحفاظا عليها حرم الله الربا للأضرار التالية :
١ ـ إنه يعوّد الإنسان على التكسب بدون عمل أو حرفة ، كالتجارة أو الصناعة أو الزراعة أو المهنة الشريفة التي اقتضتها ظروف الحياة المعاصرة مثل الطبابة والهندسة والصيدلة والمحاماة بشرط الدفاع عن الحق والعدل وتحامي الدفاع بالباطل ، أو تبرئة الجاني أو المجرم. وهذا يجعل المرابين مصاصين لدماء الفئة العاملة الكادحة ، ويعتمد في عيشه ودخله على مورد بغير جهد ، وذلك مما يستفيده من فوائد الأموال المودعة في المصارف الربوية للإقراض بفائدة.