والله هو الذي نزّل القرآن عليك يا محمد بالحق الذي لا شك ولا شبهة فيه ، مصدقا ومؤيدا ما تقدمه من الكتب المنزلة على الأنبياء السابقين ، وهو تصديق إجمالي لا تفصيلي في أصل الوحي وأصل الرسالة الداعية إلى توحيد الإله ومكارم الأخلاق ، والإخبار والبشارة ، فهي تصدقه بما أخبرت به وبشرت قديما ، وهو يصدقها ؛ لأنه طابق ما أخبرت به وبشرت من الوعد من الله بإرسال محمد صلىاللهعليهوسلم وإنزال القرآن العظيم عليه.
وأنزل التوراة على موسى ، والإنجيل على عيسى من قبل القرآن ، هداية للناس في زمانهما ، وإرشادا ، فالله هو الذي أنزل الوحي والشرائع قبل وجود عيسى وبعده ، وليس عيسى مصدر الوحي ، وإنما هو كغيره من الأنبياء متلقّ للوحي ، فكيف يكون إلها؟!
وأنزل الله الفرقان : وهو الفارق بين الهدى والضلال ، والحق والباطل ، والغي والرشاد ، بالدلائل والبينات الواضحات ، والبراهين القاطعات.
إن الذين كفروا بآيات الله الواضحة الدالة على توحيده وتنزيهه عما لا يليق ، أي جحدوا بها وأنكروها وردوها بالباطل ، لهم عذاب شديد يوم القيامة بسبب كفرهم ، والله منيع الجناب عظيم السلطان ، ذو انتقام ممن كذب بآياته وخالف رسله الكرام ، ينفذ بعزته مراده ، وينتقم ممن خالف وحيه.
وإن الله لا يخفى عليه شيء في الكون ، فيعلم حال الصادق في إيمانه ، وحال الكافر والمنافق والمكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان. وعيسى وغيره لا يعلم شيئا من ذلك ، فكيف يكون إلها؟
والله هو الذي يخلق الإنسان في الرحم كما يشاء ، ذكرا أو أنثى ، حسنا وقبيحا وغير ذلك من الطبائع والألوان والمقادير والسلامة والعاهة ، وعيسى وغيره لا يصوّر أحدا في رحم ولا يخلق شيئا ، بل هو مصوّر مخلوق في رحم أمه ،