وكل ما سبق من أعمال كأداء الشهادة وكتمها وغيرها يعلمه الله ، والله بكل شيء عليم وبصير ، يجازي عليه ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، فاحذروا مخالفة الأوامر واقتراف المعاصي ، ومنها كتمان الشهادة ، واعلموا بما أمركم به ، فإن علم الله عام في جميع الأعمال.
فقه الحياة أو الأحكام :
موضوع آية الدين في توثيق المبايعات المؤجلة والديون والسّلم (١) بالكتابة والشهادة والرهن ، فإن لم يكن توثيق برهن أو بكتابة جاز البيع بالأمانة ، فالمبايعات في هذه الآية ثلاثة أنواع : بيع بكتابة وشهود ، وبيع برهان مقبوضة ، وبيع بالأمانة.
قال ابن عباس : هذه الآية نزلت في السّلم خاصة ، معناه أن سلم أهل المدينة كان سبب الآية ، ثم هي تتناول جميع المداينات إجماعا.
وقال ابن خويز منداد : إنها تضمنت ثلاثين حكما ، منها ما يلي :
١ ـ استدل بها بعض علماء المالكية على جواز التأجيل في القروض ، على ما قال مالك ؛ إذ لم يفصل بين القرض وسائر العقود في المداينات. وخالف في ذلك الشافعية وقالوا : الآية ليس فيها جواز التأجيل في سائر الديون ، وإنما فيها الأمر بالإشهاد إذا كان دينا مؤجلا ؛ ثم يعلم بدلالة أخرى جواز التأجيل في الدين وامتناعه.
٢ ـ مشروعية تأجيل الديون ، لقوله تعالى : (بِدَيْنٍ) : وحقيقة الدين : عبارة عن كل معاملة ، كان أحد العوضين فيها نقدا ، والآخر في الذمة
__________________
(١) السّلم : هو بيع آجل بعاجل. ويقال له السلف ، غير أن السلم خاص به ، والسلف يطلق أيضا على القرض.