القصيدة الزينبية
تنسب القصيدة الزينبية إلى الإِمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهي من أبلغ المدائح والمواعظ والنصائح من الكامل :
صرَمتْ حبَالَكَ بعد وصلكَ زينبُ |
|
والدهرُ فيه تصرُّمٌ وتقلُّبُ |
نشرت ذوائبَها (١) التي تُزْهَى بها |
|
سوداً ورأسك كالثغامةِ (٢) أَشيب |
واستنفرَتْ لمَّا رأَتكَ وطالما |
|
كانت تحِنُّ إلى لقاكَ وتَرْهب |
وكذاكَ وصلُ الغانياتِ فإنَّهُ |
|
آلٌ (٣) ببلقعةٍ وبرق خُلَّبُ (٤) |
فدع الصِّبَا فلقد عَداكَ زَمانُه |
|
وازهدْ فهمرُك منه ولَّى الأطيبُ |
ذهب الشبابُ فما له من عودةٍ |
|
وأَتى المشيبُ فأين منه المهربُ |
ضيفٌ أَلمَّ إليك لم تحفِلْ به |
|
فترى له أَسفاً ودمعاً يَسكبُ |
دَع عنك ما قد فاتَ في زمنِ الصِّبا |
|
واذكُرْ ذنوبَكَ وابكِها يا مذنبُ |
واخشَ مناقشة الحسابِ فإنه |
|
لا بدَّ يُحصَى ما جنيتَ ويكتب |
لم ينسَه الملَكانِ حين نسيتَه |
|
بل أَثبتاه وأَنتَ لاهٍ تلعب |
والروحُ فيكَ وديعةٌ أُودِعْتَها |
|
ستردُّها بالرغمِ منك وتُسلَبُ |
وغرورُ دنياكَ التي تسعَى لها |
|
دار حقيقتُها متاعٌ يُذْهَبُ |
والليلُ فاعلم والنهارُ كلاهما |
|
أَنفاسُنا فيها تُعَدُّ وتُحْسَبُ |
وجميعُ ما حصَّلتَهُ وجمعتَه |
|
حقّا يقيناً بعد موتِكَ يُنهَب |
__________________
(١) الذوائب :جدائل الشعر المضفور.
(٢) الثغامة : شجرة زهرها وثمرها أبيض.
(٣) الآل : السراب.
(٤) خلب : أي كاذب.