وأمّا الأمزجة الحارّة اليابسة فربّما نفعهم لما يولّده فيهم من الدّم البلغميّ ، وقد يصلح بالسّكنجبين للمحرورين ، وأما المملَّح منه فهو حارّ مقطِّع ملطِّف ، يَصْلُح أن يؤكل في اليوم الذي يراد فيه الاستفراغ بالقيء. وأمّا أكله بقصد التّغذية فرديء ، لما يولّده من البلغم المولّد للجرب ونحوه. وأمّا المقدَّد منه فرديء ، لأنّ المقدَّد منه ومن كلّ لحم ، قد ذهب صَفْوُه وبقي كثيفه.
وسُمّ السّمك هو المسمَّى عند العامّة بطُعْم السَّمَك ، وهو الماهيز ، وسيذكر في باب الهاء ، إن شاء الله.
سمم :
السُّمّ ، بالضّمّ عند أهل العالية ، وبالفتح عند تميم : الثّقب. وكان أبو الهيثم يقول هما لغتان لخرق الإبرة. والثّاني هو كلّ ما يؤثِّر في البدن ويغيّره قاهرا له بكيفيّته أو بصورته النّوعية وهو ذو الخاصّيّة المخالفة.
والسُّموم صنفان :
* فاعل بكيفيّته ،
* وفاعل بصورته وجملة جوهره.
والأوّل إمّا أكَّال مُعَفِّن مثل الأرنب البحريّ ، وإمّا مُلَهِّب مُسَخِّن مثل الفَرْبيون ، وإمّا مُبَرِّد مُخَدِّر مثل الأفيون ، وإمّا سادّ لمسالك النَّفَس في البدن مثل المرداسيخ.
وأمّا الفاعل بجملة جوهره فمثل البِيش ، ومثل مرارة النَّمر ، وما أشبه ذلك وهذا أكثر السُّمُوم شرّا.
والسَّامَّة : ذوات السُّمُوم من الهوامّ ، كالزّنبور والعقرب لأنّها تلسع ولا تبلغ أن