بنن :
البَنَان : الأصابع ، وقيل : أطرافها ، واحدتها بَنَانة ، وقوله تعالى : (وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَ بَنانٍ) (٢٣٦) قال الزَّجَّاج (٢٣٧) : معناه ههنا الأصابع وغيرها من جميع الأعضاء.
والبُنُ بالضَّمّ : حَبّ مَعروف ، أصله من اليَمَن ، تُتَّخَذ منه القَهوة. وقد سألتُ شيخنا العلّامة الأجلّ ابن سينا عن ماهيّة القهوة وطبعِها ومضارِّها ومنافعها فأجاب :
القهوة كغَيرها من الأدوية ، لها نَفْع فى بعض الأحوال. وأمّا طبعُها فى الكيفِيَّتَيْن الفاعِلَتَيْن أعنى (٢٣٨) الحرارة والبُرودة ، فالظّاهر أنّها معتدلة وتميل إلى البرد قليلا ، ولا يَبعد أن تكون مُركّبة القُوَى ، وأن يكون بها جُزء حارّ به يكون الهَضْم ونحوه من أفعالها ، فانّ كثيرا من الأدوية كذلك. وأمّا فى الكيفيَّتين المنفعلَتين أعنى (٢٣٩) الرُّطوبة واليُبوسة فتجدها مائلة إلى اليُبْس لأنّا نجدها تُجَفِّفُ الأبدانَ وتُغيِّر الأمزجة. وأمّا القَدْر النّافع منها فهو يختلف بحسب مزاج مستعمِلها. وأمّا كون الإكثار منها مُضرّاً فكلّ كثرةٍ عَدُوّ للطّبيعة. ولا شكّ أنّ الإكثار منها مُضرّ خُصوصا بذوى الأمزجة اليابسة. ولا يَبْعُد تأثيرُها فى الباه قُوَّة وضَعفا بحسب الأمزجة.
والقَهوة مُعينة على الهَضْم بعد الطّعام ، نافعة ، بشرط أن لا تبلُغ إلى حدٍّ يُنَفِّذ الغذاءَ على فَجاجته. وأولى ما استُعملت القَهوةُ بعد أخذ الغِذاء فى حالة الانهضام. وأمّا على الجوع فمُجَفِّفَة ولذا تنفع أصحاب الأمزجة الباردة والرّطبة ، وتَضُرُّ المهزُولين ويابسى الأمزجة. واستعمالُها فاترةً أولَى لأنّها تكون ألَذَّ طَعما وأقوى على النُّفوذ ، ولا يَبْعُد أن يُضاف إليها أدوية مُصلحة لمزاجها مُقَوِّية لأفعالها لكنْ تخرج عن كونها قهوة. وتَدخل فى جملة الأدوية النّافعة. والأولَى أن يُضاف إليها شَىء من السُّكَّر أو العَسَل لباردِى المزاج ، يُعين ذلك على نفوذها.