قضم القاف والضاد والميم كلمتانِ متباينتان لا مناسبةَ بينهما : إحداهما القَضْم : قَضْم الدّابَّة شعيرَها ؛ يقال قَضِمَتْ تَقْضَم. ويقولون : ما ذُقتُ قَضَاماً. ويقال : القَضْم : الأكل بأطراف الأسنان ، والخَضْم بالفم كلِّه.
والكلمة الأخرى : القَضِيم ، يقال إنَّه الجِلدُ الأبيض ، أو الصَّحيفة البيضاء.
قال النابغة :
كأنَّ مَجرَّ الرامساتِ ذُيولَها |
|
عليه قَضِيمٌ نَمَّقَتْهُ الصَّوانعُ (١) |
قضي القاف والضاد والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على إحكام أمرٍ وإتقانِه وإنفاذه لجهته ، قال الله تعالى : (فَقَضاهُنَ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) أي أحكَمَ خَلْقَهنّ. ثم قال أبو ذؤيب :
وعَليهما مَسرودتانِ قَضاهما |
|
داودُ أو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ (٢) |
والقَضَاء : الحُكم. قال الله سُبحانه في ذكر من قال : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) أي اصنَعْ واحكُمْ. ولذلك سمِّي القاضي قاضياً ، لأنَّه يحكم الأحكامَ ويُنْفِذُها. وسمِّيت المنيّةُ قضاءً لأنّه أمر يُنْفَذُ في ابن آدم وغيرِه من الخَلْق. قال الحارث ابن حِلِّزة :
وثمانونَ من تميمٍ بأيدي |
|
هِمْ رماحٌ صُدورهنَ القضاءُ (٣) |
أي المنيّة. وكلُّ كلمةٍ في الباب فإنَّها تجري على القياس الذي ذكرناه ، فإذا
__________________
(١) ديوان النابغة ٥٠ واللسان (قضم).
(٢) ديوان الهذليين (١ : ١٩) والمفضليات (٢ : ٢٢٨) واللسان (صنع ، قضى).
(٣) البيت من معلقته المشهورة.