ومن الباب : عَرَّقْتُ فى الدَّلو ، وذلك إذا كان دونَ المِلء ، كأنَّ هذا لقِلّته شبِّه بالعَرَق. ويقال للمُعْطى اليسير : عَرَّق. قال :
لا تملأ الدَّلْوَ وعرِّقْ فيها |
|
أما تَرَى حَبَارَ مَنْ يَسقيها (١) |
ويقال : كأسٌ مُعْرَقَة ، إذا لم تكن مملوءةً ، قد بقيتْ منها بقيَّة. وخَمْرٌ مُعرَقَة ، أى ممزوجة مزجاً خفيفاً ، شُبِّه ذلك المزجُ اليسير بالعَرق. وقال فى المُعْرق القليل المَزْج :
أخَذْتُ برأسِهِ فدَفَعْتُ عنه |
|
بمُعْرَقَةٍ مَلامةَ مَن يلومُ (٢) |
والأصل الثانى السِّنْخ المتشعِّب. من ذلك العِرْق عِرْق الشَّجَرة. وعُروقُ كلِّ شىءٍ : أطنابٌ تَنْشَعِب من أصوله. وتقول العرب : «استَأصَلَ الله عِرْقاتَهم (٣)» زعموا أنَّ التاء مفتوحة ، ثمَّ اختلفوا فى معناه ، فقال قوم : أرادوا واحدةً وأخرجها مُخرَج سِعلاة. وقال آخرون : بل هى تاءُ جماعة المؤنّث لكنهم خفّفوه بالفتحة. ويقال : أعْرَقَتِ الشَّجَرةُ ، إذا ضَرَبتْ عُروقُها فامتدَّت فى الأرض. ومن هذا الباب : عَرَق الرّجُل يَعْرُق عُروقاً ، إذا ذَهَب فى الأرض. وهذا تشبيهٌ ، شبِّه ذهابه بامتدادِ عُروق الشَّجرةِ وذهابها فى الأرض.
فأمّا قولُه صلى الله عليه وآله وسلم : «مَنْ أحيا أرضاً مَيْتةً فهى له ، وليس
__________________
(١) الرجز فى إصلاح المنطق ٢٨١ ، ٤٥٣ ومجالس ثعلب ٢٣٨ واللسان (حبر ، عرق) ، وقد سبق فى (برق). وفى اللسان (عرق) أن «حبار» اسم ناقته.
(٢) للبرج بن مسهر الطائى ، كما فى اللسان (عوق) والمؤتلف والمختلف ٦٢ والحماسة بشرح المرزوقى ص ١٢٧٢ برواية : «رفعت برأسه وكشفت عنه».
(٣) يقال عرقاتهم ، بكسر التاء : جمع عرق ، كعرس وعرسات. فهو من المذكر الذى جمع بالألف والتاء. ومن قال عرقاتهم بفتح التاء أجراه مجرى سعلاة. انظر اللسان والقاموس.