فيَفسُد. وأمّا عَرَقُ القِرْبة فى قوله : «جَشِمْتُ إليك عَرَق القِربة (١)» فمعناه فيما زعم يونس : عطيّة القربة ، وهو ماؤها ، كأنَّه يقول : جَشِمت إليك حتَّى سافرتُ واحتجتُ إلى عَرَق القربة فى الأسفار ، وهو ماؤها. ويقال : عَرِق لهُ بكذا ، كأنّه تنَدَّى له وسَمَح. قال :
سأجعَلُه مكانَ النُّون مِنِّى |
|
وما أُعْطِيتُهُ عَرَقَ الخِلالِ (٢) |
يقول : لم أُعْطَهُ عطيَّةَ مودّة ، لكنَّه أخذْتُه قسراً. والنُّون : السَّيف. وقال بعضهم : جَشِمْتُ إليك حَتَّى عرِقتُ كعرق القِرْبة ، وهو سَيَلان مائها. وقال قوم : عَرَق القِربة أنْ يقول : تكلَّفتُ لك ما لا يبلغُه أحدٌ حتى تجشَّمت ما لا يكون ؛ لأنَّ القِربة لا تَعْرَق ، يذهب إلى مِثْلِ قولهم : «حتَّى يشِيب الغُراب». وكان الأصمعىُّ يقول : عَرَق القِرْبة كلمةٌ تدلُّ على الشِّدَّة ، وما أدرى ما أصلُها وقال ابنُ أبى طَرَفة : يقال لَقِيتُ من فُلانٍ عَرقَ القِرْبة ، أى الشِّدّة. قال : وأنشد الأحمر :
ليست بِمَشْتَمَةٍ تُعَدُّ وعَفْوُها |
|
عَرَقُ السِّقاء على القَعُود اللّاغِبِ (٣) |
يمدح رجلاً يسمع الكلمةَ الشديدةَ فلا يأخُذ صاحبَها بها.
__________________
(١) فى حديث عمر : «ألا لا تغالوا صدق النساء فإن الرجال تغالى بصداقها حتى تقول : جشمت إليك عرق القربة». اللسان (عرق).
(٢) البيت للحارث بن زهير العبسى ، يصف سيفاً له يسمى «النون». وفى الأصل : «عنى» بدل «منى» ، صوابه فى اللسان (عرق ، نون) والمجمل (عرق). قال ابن برى : صواب إنشاده «ويخبرهم مكان النون منى» ، لأن قبله :
سيخبر قومه لش بن عمر |
|
إذا لافاهم والنا بلال |
(٣) البيت لابن أحمر الباهلى ، كما فى اللسان (عرق). وفى اللسان : «وعفوها» بالفاء.