يرتحلون. قلنا فى هذا : وإنّ خَفّ نزولُهم فهو محمولٌ على القياس الذى ذكرناه ، لأنَّهم لا بدَّ [لهم] من المقام. قال زهير :
وعرَّسُوا* ساعةً فى كُثْب أسْنُمَةٍ |
|
ومنهمُ بالقَسُوميّاتِ مُعتَرَكُ (١) |
وقال ذو الرُّمَّة :
معرّساً فى بياض الصُّبح وَقعتُه |
|
وسائر السَّير إلّا ذاك مُنجذِبُ (٢) |
ومن الباب : عَرَستُ البعيرَ أعرُسُه عَرْساً ، وهو أن تشدَّ عنقه مع يديه وهو باركٌ. وهذا يرجع إلى ما قلناه.
وممّا يقرُب من هذا الباب المعرَّس : الذى عُمِلَ له عَرْس (٣) ، وهو الحائطُ يُجعَل (٤) بينَ حائِطَى البَيْت ، لا يبلغ به أقصاه ، ثم يوضع الجائز من طرف العَرس الداخل إلى أقصى البيت ، ويسقّف البيتُ كلُّه.
ومن أمثالهم : «لا مَخْبَأَ لعِطرٍ بعدَ عروس» ، وأصله أن رجلاً تزوّجَ امرأةً فلمَّا بنَى بها وجدها تَفِلَة ، فقال لها : أين الطيِّب؟ فقالت : خَبَأته! فقال : لا مخبأَ لعطرٍ بعدَ عَروس.
عرش العين والراء والشين اصلٌ صحيح واحد ، يدلُّ على ارتفاعٍ فى شىءٍ مبنىّ ، ثم يستعارُ فى غير ذلك. من ذلك العَرْش ، قال الخليل : العرش : سرير الملِك. وهذا صحيحٌ ، قال الله تعالى : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ).
__________________
(١) ديوان زهير ١٦٥ واللسان (عرس ، سنم). ويروى :
شحوا قليلا ففا كشبان أستمة
(٢) ديوان ذى الرمة ٧.
(٣) فى الأصل : «الذى لا عمل له عرس» ، تحريف.
(٤) فى الأصل : «يجعل له» ، صوابه فى المحمل واللسان.