ودّع هريرة إنّ الرّكب مرتحل |
|
وهل تطيق وداعا أيّها الرّجل (١) |
فأنشدته بيتا فقال : حسبك ، ثم قال : من هريرة التي شببت بها؟ قلت : لا أعرفها ، وسبيلها سبيل التي قبلها ، أعني سمية ، فنادى : يا هريرة! فإذا جارية قريبة السن من الأولى فقال : أنشدي عمك قصيدتي التي هجوت بها أبا ثابت يزيد بن مسهر ، فأنشدتها من أوّلها الى آخرها ما حرّفت منها حرفا واحدا ، فسقط في يدي وتحيرت وتغشتني رعدة ، فلما رأى ما نزل بي قال : ليفرّج روعك أبا بصير ، أنا هاجسك مسحل بن أوثاثة الذي ألقى على لسانك الشعر ، فسكنت نفسي ورجعت إليّ وسكن المطر ، فقلت له : أدللني على الطريق ، فدلني عليه وأراني سمت مقصدي ، وقال : لا تعج يمينا ولا شمالا حتى تقع ببلاد قيس.
٨٦٦ ـ وأنشد :
فلا تلحني فيها فإنّ بحبّها |
|
أخاك مصاب القلب جمّ بلابله (٢) |
هو من أبيات الكتاب ولم يسم قائله. قوله : تلحني : أي تلمني ، من لحاه يلحاه إذا لامه وعذله. وضمير فيها للمحبوبة. وجمّ ، بفتح الجيم وتشد الميم ، أي عظيم. وكثير بلا بله : أي وساوسه ، جمع بلبلة ، وهي الوسوسة. قوله : بحبها متعلق بمصاب ، فهو معمول خبر أن قدم على اسمها.
٨٦٧ ـ وأنشد :
أبعد بعد تقول الدّار جامعة
لم يسم قائله. وتمامه :
شملي بهم أم يقول البعد محتوما
__________________
(١) ديوانه ٢٧ ق ٣
(٢) الخزانة ٣ / ٥٧٢ ، وابن عقيل ١ / ١٣٧ ، وسيبويه ١ / ٢٨٠