وفي البيان للجاحظ (١) : قال أبو عمرو بن العلاء : اجتمع ثلاثة من الرواة ، فقال لهم قائل : أي نصف بيت شعر أحكم وأوجز؟ فقال أحدهم : قول حميد بن ثور الهلاليّ.
وحسبك داء أن تصحّ وتسلما
وقال الثاني : بل قول أبي خراش الهذلي (٢).
نوكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي
وقال الثالث : بل قول أبي ذؤيب :
وإذا تردّ إلى قليل تقنع
فرد عليه أن الشطر نصف بيت مستغن بنفسه ، ونصف أبي ذؤيب لا يستغني بنفسه ، لأن السامع لا يفهم معناه حتى يسمع النصف الأول ، وإلا فيقول من هذه التي تردّ الى قليل فتقنع؟ والصواب أن يقال قوله :
والدّهر ليس بمعتب من يجزع
وأخرج ابن عساكر عن أبي الحسن المدائني قال : قال الحجاج لابن القرية : اخبرني بأصدق بيت قاله شاعر؟ قال :
وما حملت من ناقة فوق رحلها |
|
أبرّ وأوفى ذمّة من محمّد |
قال : فاخبرني باشكل بيت؟ قال :
بّذا رجعها يديها إليها |
|
في يدي درعها تحلّ الإزارا |
__________________
(١) البيان والتبيين ١ / ١٤٠ ، مختصرا.
(٢) عجز بيت وصدره :
بلى إنّها تعفو الكلوم وإنما
وانظر ديوان الهذليين ٢ / ١٥٨