سب السين والباء حَدّهُ بعضُ أهل اللغة ـ وأظنُّه ابنَ دريد (١) ـ أنّ أصل هذا الباب القَطع ، ثم اشتقّ منه الشَّتم. وهذا الذى قاله صحيح. وأكثر الباب موضوعٌ عليه. من ذلك السِّبّ : الخِمار ، لأنّه مقطوع من مِنْسَجه.
فأمّا الأصل فالسَّبّ العَقْر ؛ يقال سبَبْت الناقة ، إِذا عقرتَها. قال الشاعر (٢) :
فما كان ذنبُ بنى مالكٍ |
|
بأنْ سُبّ منهم غلامٌ فَسبّ |
يريد معافرة غالب بن صعصعة وسُحيم (٣). وقوله سُبَ أى شُتِمَ. وقوله سَبّ أى عَقَر. والسَّبّ : الشتم ، ولا قطيعة أقطع من الشَّتِم. ويقال للذى يُسابّ سِبّ.
قال الشاعر (٤) :
لا تَسُبَّنَّنِى فلستَ بِسبّى |
|
إِنّ سَبِّى من الرجال الكريمُ (٥) |
ويقال : «لا تسبُّوا الإبلَ ، فإِنَّ فيها رَقوءَ الدّم (٦)». فهذا نهىٌ عن سبّها ، أى شتمها. وأما قولهم للإبل : مُسَبَّبَة فذلك لما يقال عند المدح : قاتَلَها الله فما أكرمها مالاً! كما يقال عند التعجُّب من الإنسان : قاتله الله! وهذا دعاءٌ لا يراد به الوقوع. ويقال رجل سُبَبَة ، إذا كان يسُبُ الناسَ كثيراً. ورجل سُبَّة ، إذا كان يُسَبُ كثيراً. ويقال بين القوم أُسْبُوبة يتسابُّون بها. ويقال مضت سَبَّة من الدهر ، يريد مضت قطعة منه. (٧).
__________________
(١) هو ابن دريد كما ظن. انظر الجمهرة (١ : ٣١).
(٢) هو ذو الخرق الطهوى ، كما فى اللسان (سبب).
(٣) سحيم بن وثيل الرياحى ، انظر الخزانة (١ : ١٢٩ ، ٤٦٢).
(٤) هو عبد الرحمن بن حسان ، يهجو مسكينا الدارمى.
(٥) فى الأصل : «الكرام» ، صوابه من المجمل واللسان والمخصص (١٢ : ١٧٥).
(٦) تمام الحديث فى اللسان (رفأ): «مهر الكريمة» أى إنها تعطى فى الديات بدلا من القود ، فتحقن بها الدماء ويسكن بها الدم.
(٧) فى الكلام سقط ، تقديره : «والسبة : العار. وأنشد».