عن أبى زيد أن المزَاهَمة القُرب ، ويقال زَاهَمَ فلانٌ الأربعينَ ، أى داناها ، فممكنٌ أن يُحمَل على الأصل الذى ذكرناه ، لأنّه كانّه أراد التلطُّخ بها ومُماسَّتها. ويمكن أنْ يكون من الإبدال ، وتكون الميم بدلاً من القاف ، لأن الزاهق عَيْنُ السمين (١). وقد ذكرناه
زهق الزاء والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تقدَّم ومضىّ وتجاوز. من ذلك : زَهَقَتْ نفسه. ومن ذلك : [زهَق] الباطل ، أى مضى. ويقال زَهَق الفرسُ أمامَ الخليل ، وذلك إِذا سَبَقَها وتقدَّمَها. ويقال زَهق السّهم ، إذا جَاوَزَ الهدَف. ويقالُ فرسٌ ذات أزَاهيقَ ، أى ذاتُ جَرْىٍ وسَبْقٍ وتقدم.
ومن الباب الزَّهْق ، وهو قَعْرُ الشىء ؛ لأن الشىء يزهق فيه إِذا سقط. قال رؤبة :
كأنَّ أيديَهنَّ تَهْوِى بالزَّهَق (٢)
فأما قولهم : أزْهَقَ إناءَه ، إذا ملأه ، فإن كان صحيحاً فهو من الباب ؛ لأنه إذا امتلأ سَبَقَ وفاض ومَرَّ. ومن الباب الزَّاهق ، وهو السَّمِين ، لأنَّه جاوز حدّ الاقتصاد إلى أن اكتَنز من اللحم (٣). ويقولون : زَهَقَ مخُّه : اكتنز. قال زُهير فى الزَّاهق :
القائدُ الخيلَ منكوبًا دوابِرُها |
|
منها الشَّنُونُ ومنها الزَّاهقُ الزَّهِمُ (٤) |
ومن الباب الزَّهُوق ، وهو البئر البعيدة القعر.
__________________
(١) فى الأصل : «عند السمين» ، وانظر س ١٣ من هذه الصفحة.
(٢) ديوان رؤبة ١٠٦ واللسان (زهق).
(٣) فى الأصل : «إلى أكثر من اللحم».
(٤) ديوان زهير ١٥٣ واللسان (زهق).