والأصل الآخر : قولهم ذَرَأْنا الأرضَ ، أى بذَرْناها. وزرعٌ ذرِئُ ، [على] فعيلٍ. وأنشد :
شقَقْت القلبَ ثم ذرَأْتِ فِيهِ |
|
هَواكِ فِليمَ فالتَامَ الفُطُورُ (١) |
ومن هذا الباب : ذرَأَ اللهُ الخَلْق يذرؤُهُم. قال الله تعالى : (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ).
وممّا شذّ عن الباب قولهم أذْرَأْتُ فلاناً بكذا : أوْلَعْتُه به. وحُكِىَ عن ابن الأعرابىّ : ما بينى وبينه ذَرْءُ أى حائلٌ.
ذرب الذال والراء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف الصَّلاح فى تصرَّفه ، مِن إقدامٍ وجرأةٍ على ما لا ينبغى. فالذَّرَبُ : فسادُ المَعدة. قال أبو زيد : فى لِسانِ فلان ذَرَبٌ (٢) ، وهو الفُحْش. وأنشد :
أرِحْنى واستَرِحْ مِنِّى فإنِّى |
|
ثَقِيلٌ مَحْمِلى ذَرِبٌ لِسانِى (٣) |
وحكى ابنُ الأعرابىّ : الذّرَبُ : الصدأ الذى يكون فى السَّيف. ويقال ذَرِبَ الجُرح ، إذا كان يزدادُ اتِّساعاً ولا يَقبل دواءً. قال :
أنت الطبيبُ لأدْواء القلوب إِذا |
|
خِيفَ المُطَاوِلُ من أدوائِها الذّرِبُ |
وبقيت فى الباب كلمةٌ ليس ببعيد قياسُها عن سائر ما ذكرناه ؛ لأَنَّها لا تدلُّ على صلاحٍ ، وهى الذَّرَبَيَّا ، وهى الدَّاهية. يقال : رماه بالذَّرَبَيَّا. قال الكميت :
__________________
(١) البيت لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، كما فى اللسان (ذرأ) وأملى ثعلب ٢٨٤.
(٢) فى الأصل : «فى إيمان فلان ذرب» تحريف. وفى المجمل : «فى لسانه ذرب».
(٣) أنشده فى اللسان (ذرب).