بـيـان :
المراد بها الدمار (١) قال الجزري : البلاقع جمع بلقع ، وبلقعة ، وهي الأرض القفر التي لا شيء بها ، يريد أنّ الحالف بها يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق. وقيل : هو أن يفرّق الله شمله ، ويغيّر عليه ما أولاه من نعمه (٢). وفي المثل : ( اليمين الغموس تدع الديار بلاقع ) (٣).
وعلى معنى الدعاء للسلامة فلا مانع من تفسير السلام على الكائنات به ، بأن يديم الله سلامتها ، لينتفع بها الأحياء من البشر وغيره ، بل لا شك أنّها من نِعَم الله وآلائه ، التي حثّ العباد على شكرها ، وضمن لهم الزيادة ، وهي إدامتها ومضاعفاتها ، قال تعالى : ( لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديد ) (٤).
وعلى معنى تبادل الحبّ فيراد من السلام عليها إنا وإيّاها نتعاهد على الحبّ في الله والطاعة له ، ولكن بيننا وبينها فرق أن الكائنات غير الشاعرة بنظرنا وهي في الواقع شاعرة ، لا تحيد عن أمر الله ، مطيعة له ، مقهورة لقضائه ، كما في آية ( فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين ) (٥). فهي مسيرة ونحن مخّيرون ، ومن ثم نطيع مرّة ، ونتمرّد
____________
١ ـ لأن الديار الأرض العامرة وإلاّ فهي البلاقع.
٢ ـ النهاية ١ | ١٥٣ ـ بلقع ـ.
٣ ـ مجمع الأمثال ٢ | ٤٢٥ ، رقم المثل ٤٧٤٤ ، حرف الياء. وفيه : ( اليمين الغموس : التي تغمس صاحبها في الإثم ، فهو فعول بمعنى فاعل ، قال الخليل : الغموس اليمين التي لم توصل بالاستثناء ، والبلقع : المكان الخالي ).
٤ ـ إبراهيم : ٧.
٥ ـ فصلت : ١١.
أقول : جاء التخاطب مع الحيوانات كتخاطب الجمادات من سماء وأرض ، والنباتات من شجر ونبات ، فقد روى ابن شهر اشوب في المناقب ١ | ٢٥ ـ ٢٦ في قصّة مجيء أبرهة بن الصباح لهدم الكعبة : أتاه عبد المطلب ليسترد إبله ، فقال : تُعلمني في مائة بعير ، وتترك دينك ودين آبائك ، وقد جئت لهدمه فقال عبد المطلب : أنا ربّ الإبل وللبيت ربّ سيمنعه منك ، فردّ إليه إبله فانصرف إلى قريش ، فأخبرهم الخبر ، فأخذ بحلقة الباب قائلاً :
يا ربّ لا أرجو
لهم سواكا |
|
يا ربّ فامنع منهم
حماكا |
إنّ عدوّ البيت من
عاداكا |
|
امنعهم أن يخربوا
قراكا |