من السلام وهو التحيّة ، واستلامه لمسه باليد تحرياً لقبول السلام منه تبرّكاً به ـ قال : ـ وهذا كما قرأت منه السلام ـ قال : ـ وقد أملى عليّ أعرابيّ كتاباً إلى بعض أهاليه فقال في آخره : أفترى منّي السلام ـ قال : ـ وممّا يدلّك على صحّة هذا القول ، أن أهل اليمن يسمّون الركن الأسود ( المحيّى ) معناه : أنّ الناس يحيّونه بالسلام. وعن بعض أنّه مأخوذ من السلام بمعنى أنّه يحيّى نفسه عن الحجر ، إذ ليس الحجر ممّن يحيّيه كما يقال : اختدم : إذا لم يكن له خادم وإنما خدم نفسه (١).
أقـول : على هذا التفسير يحمل قوله عليهالسلام في الحديث : « فسلّم من بعيد » على التحية القوليّة ، ولا يتنافى مع معنى الأستلام للحجر الأسود.
وروى الشيخ الصدوق عن الصادق عليهالسلام قال : « لمَّا انتهى رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى الركن الغربي فقال له الركن : يا رسول الله ألست قعيداً من قواعد بيت ربّك ، فما لي لا أستلم؟ فدنا منه النبي صلىاللهعليهوآله فقال له : اسكن عليك السلام غير مهجور » (٢).
بيـان :
لعلّ قوله : « عليك السلام » سلام التحية منه ، صلىاللهعليهوآله ، ابتداءً ، أو كما هو الظاهر يكون السلام جواباً لشكوى الركن ، وتقديم
__________________
١ ـ الجواهر ١٩ | ٣٤٦. بعد نقل القول عن أن الاستلام مأخوذ من السلام وهي الحجارة.
٢ ـ علل الشرائع ٤٢٩ ، الوسائل ٩ | ٤٢١ ، وقد تقدم في غضون ( ١٠ ـ سلام الوداع ) تفسير الركن الغربي الذي هو قبل اليماني وبعد الشامي.
ومن الأحاديث الناصّة على صحة السلام على الكائنات ، بل ومحبوبيته أيضاً ، ما رواه ابن طاوس بإسناده إلى محمد بن سنان قال : قال لي العالم ـ أي الكاظم ـ صلوات الله عليه : يا محمد بن سنان ، هل دعوت في هذا اليوم بالواجب من الدعاء ، وكان يوم الجمعة؟ فقلت : وما هو يا مولاي؟ قال : تقول : السلام عليك أيها اليوم الجديد المبارك ، الذي جعله الله عيداً لأوليائه المطهرين من الدنس ، الخارجين من البلوى ، المكروبين مع أوليائه المصفين من العَكر ، الباذلين أنفسهم في محبة أولياء الرحمن تسليماً ، السلام عليكم سلاماً دائماً أبداً ، وتلتفت إلى الشمس وتقول : السلام عليك أيتها الشمس الطالعة ، والنور الفاضل البهي ، أشهدك بتوحيدي لله لتكوني شاهدة ... جمال الأسبوع ٢٢٩. وهو صريح بالمحبوبية السلام على الشمس ، وعلى غيرها بالملازمة العرفية.