عَلى مَن اتّبع الهدى ) (١) يعني أنّ العذاب على مَن كذّب وتولّى ، وكان المقام مقام مناكرةٍ وعنادٍ ، فهو مئنة لنحو هذا من التعريض ، والقول بأنه لتعريف العهد خلاف الظاهر ، بل غير صحيح ، لا لأنّ المعهود سلام يحيى عليه الصلاة والسلام ، وعينه لا يكون سلاماً لعيسى عليه الصلاة والسلام ، لجواز أن يكون من قبيل ( هذا الذي رزقنا من قبل ) (٢) ، بل لأن هذا الكلام منقطع عن ذلك وجوداً وسرداً ، فيكون معهوداً غير سابق لفظاً ومعنىً ، على أنّ المقام يقتضي التعريض ، ويفوت على ذلك التقدير ؛ لأنّ التقابل إنما ينشأ من اختصاص جميع السلام به عليهالسلام ، كذا في الكشف ، والاكتفاء في العهدية لتصحيحه بذكره في الحكاية لا يخفى جلاله ، وسلام يحيى عليهالسلام قيل : لكونه من قول الله تعالى أرجح من هذا السلام ؛ لكونه من قول عيسى عليهالسلام. وقيل : هذا أرجح لما فيه من إقامة الله تعالى إياه في ذلك مقام نفسه ، مع إفادة أختصاص جميع السلام به عليهالسلام فتأمل (٣).
قال صاحب الكشاف : ( والسلام على ) ، قيل : أدخل لام التعريف لتعرّفه بالذكر قبله ، كقولك : جاءنا رجل ، فكان من فعل الرجل كذا ، والمعنى ذلك السلام الموجّه إلى يحيى في المواطن الثلاثة موجّه إليّ. والصحيح أن يكون هذا التعريف تعريضاً باللعنة على متهمي مريم عليهاالسلام وأعدائها من اليهود ، وتحقيقه أنّ اللام للجنس ، فإذا قال : وجنس السلام عليّ خاصّة ، فقد عرّض بأنّ ضدّه عليكم (٤) ...
أقول : عبارة الآلوسي مع ما في الكشاف متقاربة في المعنى ، وهل أنّ السلام سواء قاله الله عزّ وجلّ كما في يحيى ، أو أن أحداً من الانبياء سلّم
__________________
١ ـ طه : ٤٧.
٢ ـ البقرة : ٢٥.
٣ ـ تفسير روح المعاني ١٦ | ٨٣.
لعل وجه التأمل أن سلام عيسى عليه السلام على نفسه لا يقرن بسلام الله عزّ وجلّ على يحيى ولا يقاس ذلك به.
والجواب : أنهما سيان بعد إقرار الله تعالى لسلام عيسى على نفسه.
٤ ـ تفسير الكشاف ٣ | ١٦.