ممّا يكرهه في هذا الأيام الثلاثة ، التي كل واحد منها مفتتح عالم من العوالم ، التي يدخلها الإنسان ، ويعيش فيها ، فـ ( سلام عليه يوم ولد ) فلا يمسه مكروه في الدنيا يزاحم سعادته. وسلام عليه ( يوم يموت ) فسيعيش في البرزخ عيشة نعيمة. وسلام عليه ( يوم يبعث حياّ ) ، فيحيى فيها بحقيقية الحياة ولا نصب ولا تعب.
وقيل : إنّ تقييد البعث بقوله : ( حيّاً ) للدلالة على أنّه سيقتل شهيداً ، لقوله تعالى في الشهداء : ( بل أحياء عند ربّهم يرزقون ) [ آل عمران : ١٦٩ ]. واختلاف التعبير في قوله : ( وُلِدَ ) ، ( يَموتُ ) ، ( يُبعثُ ) لتمثيل أنّ التسليم في حال حياته عليهالسلام (١).
وقال رحمهالله : قوله تعالى : ( والسلامُ عَلَىَّ يَوم وُلدتُ وَيَومَ أَموتُ وَيَومَ أُبعثُ حيّاً ) تسليم منه على نفسه في المواطن الثلاثة الكلية ، التي تستقبله في كونه ، ووجوده ، وقد تقدم توضيحه في آخر قصّة يحيى المتقدّمة.
نعم بين التسليمتين فرق ، فالسلام في قصّة يحيى نكرة تدلّ على النوع ، وفي هذه القصّة محلّى بلام الجنس ، يقيد بإطلاقه الاستغراق ، وفرق آخر وهو أنّ المسلّم على يحيى هو الله سبحانه ، وعلى عيسى هو نفسه (٢).
وقال الآلوسي بعد الآية : تقدَّم الكلام في وجه تخصيص هذه المواطن بالذكر :
* فتـذكر فما في العهد من قدم *
والأظهر بل الصحيح أن التعريف للجنس جيء به تعريضاً باللعنة على متّهمي مريم وأعدائها عليهاالسلام من اليهود ، فإنه إذا قال : جنس السلام عليّ خاصّة ، فقد عرّض بإنّ ضدّه عليكم ، ونظيره قوله تعالى : ( والسلامُ
__________________
١ ـ تفسير الميزان ١٤ | ٢١.
٢ ـ تفسير الميزان ١٤ | ٤٧ ـ ٤٨.