أقول : دل السلام في الرضوي على الأمان من العذاب ، ومما يتبع الولادة ، والموت ، والبعث ، واحتمل بعض السلام في الآيتين بمعنى التحية ، أو الأمان ، أو هما جميعاً على الأشتراك أو غير ذلك. ( وسلام عليه يوم ولد ) أي أمان من الله تعالى عليه من أن يناله الشيطان بما ينال به بني آدم ، ( ويوم يموت ) من وحشة فراق الدنيا ، وهول المطلع ، وعذاب القبر. وفيه دليل على أنه يقال للمقتول ميت ، بناء على أنّه عليهالسلام قتل لبغيّ من بغايا بني إسرائيل ( ويوم يبعث حيّاً ) من هول القيامة وعذاب النار.
وجيء بالحال للتأكيد ، وقيل : للإشارة ، إلى أن البعث جسمانيّ لا روحانيّ ، وقيل : ـ والقائل الآلوسي ـ للتنبيه على أنّه عليهالسلام من الشهداء .. وقيل : إنّ المراد بالسلام التحية المتعارفة ، والتشريف بها لكونها من الله تعالى في المواطن التي فيها العبد في غاية الضعف ، والحاجة ، وقلّة الحيلة ، والفقر إلى الله عزّ وجلّ ، وفي خبر .. إن عيسى ويحيى عليهماالسلام التقيا وهما ابنا الخالة ، فقال يحيى لعيسى : أدع الله تعالى لي فأنت خير مني ، فقال عيسى : بل أنت ادع لي فأنت خير منّي ، سلّم الله تعالى عليك وأنا سلّمت على نفسي (١).
وقيل ـ والقائل القرطبي :ـ تفسير السلام هنا بالتحية المتعارفة أشرف ، وأنبه من الأمان ، لأن الأمان متحصل له بنفي العصيان عنه (٢) [ بالعصمة ].
وقال السيد الطباطبائي : قوله تعالى : ( وسلامٌ عَليه يَومَ وُلد وَيَوم يَموت ويَوم يُبعثُ حيّاً ) السلام قريب المعنى من الأمن ، والذي يظهر من موارد استعمالها ، في الفرق بينهما ، أنّ الأمن خلّو المحلّ ممّا يكرهه الأنسان ، ويخاف منه ، والسلام كون المحلّ بحيث كلّ ما يلقاه الإنسان فيه فهو يلائمه من غير أن يكرهه ويخاف منه.
وقال طاب ثراه : وتنكير السلام لإفادة التفخيم ، أي سلام فخيم عليه
__________________
١ ـ تفسير روح المعاني ١٦ | ٦٨ ، وتفسير الجامع للقرطبي ٦ | ٨٨.
٢ ـ تفسير الجامع للقرطبي ٦ | ٨٨.